تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خلق عباده على الفطرة وخلقهم حنفاء فلو خلوا وفطرهم لما نشأوا إلا على التوحيد قال والأشقياء غيروا الفطرة إلى ضدها واستمروا على ذلك التغيير ولم تغن عنهم الآيات والنذر في هذه الدار فأتاح الله لهم آيات أخر وأقضية وعقوبات فوق التي كانت في الدنيا يستخرج الخبث والنجاسة التي لا تزول بغير النار فإذا زال موجب العقاب وسببه زال العذاب وبقي مقتضى الرحمة لا معارض له وأراد بمقتضى الرحمة الميثاق الذي أخذ عليهم بالإيمان وهم في عالم الذر وأقول لا شك أنه يدخل النار من كفار الجن والشياطين أمم لا / صفحة 123 / يحصون بل ربما يدعى أنهم أكثر من كفار بني آدم وما ذكره شيخ الإسلام من عود أهل النار بعد زوال خبيث الكفر إلى الفطرة والإقرار الذي كان في عالم الذر إن ساعدناه عليه ثم له في من اقر في عالم الذر بالربوبية من بني آدم لا غير ودعواه فناء النار وأن سكانها وأهلها يدخلون الجنة وهو حكم عام لكل من دخل النار والدليل خاص ببعض بني آدم وإنما قلناه إن ساعدناه لأنه قد ثبت في الأحاديث ان الكفار لم تشملهم الفطرة والإقرار بالربوبية في عالم الذر لم يكن إلا كرها فليس لهم حظ من فطرة الله التي فطر الناس عليها كما أخرجه احمد والبخاري ومسلم من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان لك ما في الأرض اكنت مفتديا به فيقول نعم فيقول قد اردت منك أهون من ذلك قد اخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي والتعقيب بالفاء يشعر بأن الإباء كان عند أخذ الميثاق عليه وهو في ظهر أبيه ان لا يشرك في الدنيا ويوضح ذلك ما اخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وناس من الصحابة في الآية إن الله مسح صفحة ظهر آدم فأخرج فيها ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر ومسح صفحة / صفحة 124 / ظهره اليسرى فأخرج منها ذرية سوداء كهيئة الذر فذلك قوله أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين الواقعة 27 واصحاب الشمال ما أصحاب الشمال الواقعة 41 ثم اخذ الميثاق فقال ألست بربكم قالوا بلى الأعراف 172 فأعطاها طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية إلى أن قال وذلك قوله تعالى وله اسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها آل عمران 83 وهذا المعنى كثير في الأحاديث ومنه حديث الغلام الذي قتله الخضر أخرج مسلم وابو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن مردويه عن أبي بن كعب عنه صلى الله عليه وسلم قال الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ولو أدرك لأرهق ابويه طغيانا وكفرا وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن ابن عباس مثله نعم أحاديث كل مولود يولد على الفطرة وإنما ابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه أحاديث ثابتة في الصحيحين وغيرهما وتفسير الفطرة بالدين منصوص عليه فلا / صفحة 125 /

ص 125:

بد من الجمع بين الأحاديث بتخصيص أحاديث الفطرة ونحوها وهي أحاديث كثيرة من الجانبين وهي كلها في بني آدم ثم لك ان تجمع بين أحاديث عموم الفطرة وحديث أنس الذي عند أحمد والشيخين الذي أسلفناه بأن نقول الكل على الفطرة أي فطرة الإقرار بالتوحيد من أقر تقية كرها ومن أقر طوعا حقيقة كذلك فيتم العموم ثم إن المقربين تقية اجتالتهم الشياطين كما في لفظ الحديث وهودهم قبل الآباء ونصروهم ومجسوهم واقتادوهم يحيى وانقادوا لهم وللشياطين لما في طبائعهم الخبيثة من أول وهلة حين أقروا تقية تجتمع الأحاديث والله أعلم ثم قال شيخ الإسلام فإذا أخذت النار مأخذها منهم وحصلت الحكمة المطلوبة من عذابهم فإن العذاب لم يكن سدا وإنما كان لحكمة مطلوبة فإذا / صفحة 126 / حصلت تلك الحكمة لم يبق في التعذيب أمر يطلب واقول لم يقم شيخ الإسلام دليلا على أن الحكمة المطلوبة لله في تعذيب الكفار هي زوال النجاسة الكفرية وخبثه الذي لا يزول إلا بعذاب النار وإنما قال ذلك تظننا منه وتحسبا الرحمن تفرع عن اعتقاده فناء النار وقد أورد على نفسه سؤالا فقال إن قيل سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان عارضا كمعاصي وكان الموحدين أما ما كان لازما كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب وقد اشار الله تعالى إلى ذلك فقال ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه الأنعام 28 إخبارا بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقبل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير