تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصادقةِ.

القسم الرابع: ما ورد مُقَيَّداً بحالٍ يُعْذَرُ فيها بترك الصلاة، كالحديثِ الذي رواه ابن ماجه عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسولُ اللهِ ?: " يَدْرُسُ الإسلامُ كما يَدْرُسُ وَشْيُ الثوبِ " الحديث، وفيه: " وتَبقى طوائِفُ من الناس: الشيخُ الكبيرُ، والعجوزُ، يقولون: أَدْرَكْنا آباءَنا على هذه الكلمةِ لا إلهَ إلا اللهُ، فنحنُ نقولهُا، فقال له صلة: ما تُغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يَدرُون ما صلاةٌ، ولا صيامٌ، ولا نسكٌ، ولا صدقةٌ، فأعرض عنه حذيفة، ثم ردَّها عليه ثلاثاً كُلُّ ذلك يُعرِضُ عنه حذيفة، ثم أقبل في الثالثة، فقال: يا صلة تُنجيهم من النار ثلاثاً ". فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمة من النار كانوا معذورين بترك شرائع الإسلام؛ لأنهم لا يدرون عنها، فما قاموا به هو غاية ما يقدرون عليه، وحالهم تشبه حال من ماتوا قبل فرض الشرائع، أو قبل أن يتمكنوا من فعلها، أو كَمَنْ مات عقيب شهادته قبل أن يتمكن من فعل الشرائع، أو أسلم في دار الكفر قبل أن يتمكن من العلمِ بالشرائع.

والحاصل أن ما استدل به مَن لا يرى كُفْرَ تاركِ الصلاة لا يقاوِمُ ما استدلَّ به من يَرَى كفره؛ لأن ما استدل به أولئك: إما ألا يكون فيه دلالة أصلاً، وإما أن يكون مقيداً بوصف لا يأتي معه ترك الصلاة، أو مُقَيَّداً بحالٍ يُعْذَرُ فيها بترك الصلاة، أو عاماً مخصوصاً بأدلة تكفيره.

فإذا تبين كفره بالدليل القائم السالم عن المعارض المقاوم وجب أن تَتَرَتَّبَ أحكامُ الكفر والردة عليه ضرورةً لأن الحُكمَ يدورُ مع عِلَّتِهِ وُجوداً وعَدماً.

والقولُ بعدمِ تكفيرِ تاركِ الصلاةِ إفسادٌ في الأرض؛ لأنك لو قلتَ للناس على ما فيهم من ضعف الإيمان: إنَّ تركَ الصلاةِ ليس بكفرٍ تركوها، والذي لا يُصَلِّي لا يَغْتَسِلُ من الجنابة، ولا يَسْتَنْجِي إذا بال، فيصبح الإنسان على هذا بهيمةً ليس هَمُّهُ إلا أَكْل وشُرْب وجِمَاع فقط، والدليل قائم، وهو سالم عن المعارض القائم المقاوم تماماً والحمد لله. أهـ.

تاسعاً: المفاسد المترتبة على القول بأن الإيمان هو الشهادة والإقرار فقط، وأن ترك العمل لا ينقض أصل الإيمان:

هذه جملة من المفاسد التي ترتبت على اعتقاد المرجئة:

1) إعطاء المنافقين السلاح لهدم الإسلام: إعطاء المنافقين أعظم الفرص لاجتثاث الإسلام وإبادته والتسلط عليه. فإن عدم اعتبار الأعمال الظاهرة وخاصة الصلاة شرطاً للإسلام يجعل المنافق حُراً من أن لا يصلي أو يصوم أو يزكي أو يظهر شيئاً من الإسلام، وهو مع ذلك مأمن أن يصفه المسلمون بالكفر أو ينسبوه إليه أو يجروا عليه أحكام الكفار بل تجري عليه أحكام المسلمين، فيتولى أعظم الولايات عندهم كالولاية العظمى، والولايات الأخرى إمارة، وقضاءً، ويتزوج من نساء المسلمين، ويطلع على عوراتهم، بل ويستطيع أن يفعل كل الكفر وهو يدعي أنه مع ذلك لا يفعله اعتقاداً، وفي كل ذلك يعامل معاملة المؤمن، بزعم أن عنده أصل الإيمان ... وهذا يؤدي إلى اجتثاث الإسلام وإبادته.

والخلاصة: أن أصحاب هذا القول (المرجئة) يقدمون للكفار المنافقين أعظم خدمة، وييسرون مهمتهم في إبطال الدين بأن يقولوا لهم: لا عليكم إذا لم تصلوا أو تزكوا أو تحجوا أو تصوموا، أو تقوموا بأي عمل من أعمال الإسلام، بل ولا عليكم أن تعملوا بالكفر كله فتحكموا بغير ما أنزل الله، وتبدلوا الشرائع، وتقتلوا المسلمين، وتوالوا الكافرين، وتضربوا بيد من حديد على كل مظهر للدين، فإنكم مع ذلك تظلوا مؤمنين ومسلمين ومن كفركم فهو من الكافرين، بل وأنتم يوم القيامة عتقاء أرحم الراحمين!!

وبهذا سَهَّل هؤلاء (المرجئة) مهمة المنافقين فبعد أن كانوا يخفون كفرهم ويظهرون الإسلام تقيةً وخوفاً فيصلون مع المسلمين، ويجاهدون معهم، وتؤخذ منهم الزكاة رغماً عنهم، وينفقون وهم كارهون ... إذا بهم يأمنون أن يكشف نفاقهم ويعرف كفرهم فإنهم وإن لم يصلوا قط فهم مسلمون مؤمنون، وإن لم يعملوا شيئاً قط من أحكام الإسلام يظلون مؤمنين، بل وإن أظهروا كل أنواع الكفر فهم ما زالوا مؤمنين عند المؤمنين ما داموا أنهم يقولون قولاً بألسنتهم إنهم مسلمون!! فانظر أي بلاء جر هؤلاء على الإسلام!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير