ت - ومنها من عاشوا في أوساط الكفار، ولم يظهروا شيئاً من أحكام الإسلام ولا عملوا بشيء من أحكام الدين، ولم يهاجروا إلى أرض الإسلام فقد ذكر الله أن هؤلاء من تناله الشفاعة يوم القيامة قال تعالى:?إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ? إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفوراً?.
الشبهة الثالثة: قولهم: كيف يسوى بين الكافر الذي جاءت نصوص القرآن والسنة بخلوده في النار وبين من شهد أن لا إله إلا الله بلسانه وقلبه؟ وكيف يكون مآلهما واحداً.
والجواب: أن من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه لا شك أنه لا يستوي مع الكافر المعاند الذي جحد آيات التوحيد ومات على الكفر بالله. والسؤال: هل الذي شهد أن لا إله إلا الله خالصاً من قلبه وكان صادقاً في هذه الشهادة يتصور أنه لم يصل قط مع القدرة على الصلاة، والعلم بوجوبها، ولم يخرج زكاة ماله قط، ولم يصم قط، ولم يحج أبداً مع فراغه واستطاعته، ولم يتحرك قلبه قط لذكر الله، أو يغتسل من جنابة، أو يعمل فرضاً أو سنة في الإسلام، أو يتحلى بشيء من شعبه. هل هذا يصدق عليه أنه قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه!!؟
إن من فهم أن الذي لم يعمل عملاً قط مع قدرته على العمل هو من يقول لا إله إلا الله خالصاً من قلبه قد أساء الفهم والعلم وشهد بأمر متناقض، إذ مقتضى شهادة القلب واللسان بلا إله إلا الله يلزم منه حتماً العمل ولو كان قليلاً، ولا يتصور معه قطعاً أن يكون هذا الشاهد صادقاً في شهادته أن لا إله إلا الله.
ولذلك فأهل السنة والجماعة عندما حكموا بالكفر على تارك العمل اختياراً فلأنه غير صادق في دعوى الإيمان، ولذلك قالوا بخلوده في النار لأنه كاذب في دعوى الإيمان وهو أحد الكفار. وكما أنه نطق بالشهادة مع عدم إقرار القلب يعد كفراً ونفاقاً، وكذلك شهادة القلب مع امتناع النطق باللسان يعد كفراً كذلك، وعامة الكفار كانوا موقنين بقلوبهم على صدق الرسول?فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون?.
فإن اجتماع قول اللسان، وشهادة القلب مع عدم وجود لازم ذلك من العمل الصالح لا ينفع صاحبه ولا يخرجه عن دائرة الكفر كما لا يخرج المنافقين الذين قالوا بألسنتهم، ولم يخرج الكافرين الذين شهدوا بقلوبهم وكذبوا بألسنتهم. إذن فلا بد من شهادة اللسان وإقرار القلب، وتصديق العمل.
فمن عمل بمقتضى لا إله إلا الله كان مؤمناً، ومن ترك العمل كله صلاةً، وصوماً، وزكاةً، وحجاً كان كافراً.
وإذن فلا مساواة بين قائل لا إله إلا الله خالصاً من قلبه والكافر. لأن من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه لا بد وأن يلازم العمل وإلا كان كافراً.
الباب الخامس
أقوال أهل العلم في كفر تارك العمل، وتارك الصلاة أن الكفر يكون بالعمل
كما يكون بالقلب وأن المرجئة هم شر الفرق
الإمام أحمد رحمه الله يقول بكفر تارك العمل:
أخبرني عبيد الله بن حنبل قال: حدثني أبي حنبل بن إسحاق ابن حنبل قال: قال الحميدي وأخبرت أن قوماً يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة، والصوم، والحج، ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله وفعل المسلمين، قال الله جل وعز:?حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة? قال حنبل: قال أبو عبد الله أو سمعته يقول: من قال هذا فقد كفر بالله، ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به.
أخبث أقوال المرجئة: من قال منهم أن العمل هو عمل اللسان:
تلبيس المرجئة في تفسير بعضهم العمل بعمل القلب، أو عمل اللسان:
قد كان من المرجئة قديما من يلبس على الناس فيقول موافقاً لأهل السنة: الإيمان قول وعمل. فيوافق بذلك أهل السنة في قولهم، ولكنه يفسر العمل بأنه عمل اللسان.
¥