والاشاعرة والكلابية أيضا يقولون بخلق القرآن , ولكن لا يصرحون بذلك , ويقولون: الكلام نوعان كلام نفسي ليس بحرف ولا صوت وهذا يضيفونه إلى الله , أم الكلام اللفظي الذي يشتمل على الحرق والصوت والذي هو القرآن افهو مخلوق , وهو عبارة أو حكاية عن كلام الله وليس كلام الله بل هو مخلوقٌ من جملة سائر المخلوقات , وبذلك يلتقون مع الجهمية.
فالمصنف بقوله (غير مخلوق) أبطل جميع هذه المقالات.
فالقرآن كلام الله حقيقة وهو بحرف وصت سمعه جبريل من الله عزوجل وألفاظه ومعانيه كلام الله , ليس كلام الله ألفاظه دون معانيه , ولا معانيه دون ألفاظه.
وقوله (مليكنا) فيه إثبات صفة الملك لله. فالله مالك الملك , والملك كله لله.
قال الله تعالة (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران26).
والمخلوق إذا ملك شيئاً فإنما هو بتمليك الله له , فالله مالك الدنيا والآخرة , والملك من معاني الربوبية , لأن الربوبية لها معانٍ منها: االسيد والمطاع والملك.
قوله رحمه الله (بذلك) الأشارة هنا إلى ما تقدم في الشطر الأول من بيان المعتقد الحق في كلام الله.
(دان الأتقياء) أي: آنوا واعتقدوا ذلك , والأتقياء: دانوا بأن القرآن كلام الله غيرُ مخلوق , فهذا معتقدهم الذي لا يحيدون عنه , والنقول عنهم في ذلك كثيرة , فاللالكائي رحمه الله عقد فصلاً في (شرح الاعتقاد) في بيان أن كلام الله غير مخلوق وسكى أكثر من خمسمائة نفس من هؤلاء , وبعضهم يروي عنه بالإسناد , كلهم يقرر أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال إنه مخلوق فهو كافرٌ والنقول عنهم في هذا المعني كثيرة جدا.
وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام حكاه عنهم ... بل قد حكاه قبله الطبراني
قوله (الأتقياء) اختيار هذه الصفة لأهل السنة في غاية الجودة والدقة , فالتقوى: هي الوقاية بأن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقييه , فتقوى الله عزوجل أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضب الله وسخطه وقاية تقيه بفعل الأوامر وترك النواهي , ولهذا أفضل ما فسرت به التقوى قول طلق بن حبيب رحمه الله (التقوى أت تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله , وأن تترك معصية الله على نور منالله تخاف عقاب الله)
قال ابن القيم رحمه الله (وهذا من أحسن ما عرفت به التقوى)
وقال الذهبي في ترجمته (وقد أحسن وأجاد)
وكذلك شيخ الإسلام أشاد بهذا التعريف , وكذا ان رجب.
فهؤلاء الأعلام - أعني أئمة أهل السنة - اتقوا الله بلزوم السنن والطاعات وبترك النواهي والمحدثات , وأعظم ما تركوه وابتعدوا عنه الكفر والبدع والمحدثات والتي منها القول بخلق القرآن وإضافةً إلى ما فيه من كفر وضلال فقد ترتب عليه من المفاسد والأخطار عند من قال به شيء كثيراً ولذلك ترتب على قول الجهمية امتهان لكلام الله , وعدم مبالاة به , لأنه بزعمهم مخلوق من المخلوقات.
(وأفصحوا) أي: إضافة إلى أنهم دانوا بذلك واعتقدوه بقلوبهم فقد أفصحوا به وصرحوا به وأبانوه وقرروه في المجالس ووضحوه , وانتصورا له , ولا سيما عندما يعلن أهل الباطل باطلهم ويصرحون بضلالهم.
ولهذا يُنقل عن أبي إسحاق الإسفراييني أنه كان كل جمعة يقف ويقول (القرآن كلام الله غير مخلوق خرفاً لقول الباقلاني , وذلك حتى لا يظن من يأتي بعدنا أننا علة معتقده) , وذلك لأنه كان في عصره , نقل ذلك عنه شيخ الإسلام (شرح العقيدة الأصفهانية)
وهذا أي الإفصاح قد مضى عليه أهل السنة في تآليفهم , فما تجد كتاباً مؤلفاً في الاعتقاد إلا وفيه التصريح بذلك والإفصاح به , بل أفردوا في ذلك كتباً ومصنفات.
وإلى اللقاء في شرح البيت الثاني في صفةى الكلام والرابع في القصيدة.
أخوكم: العوضي
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[01 - 05 - 03, 08:11 م]ـ
ونرجو من الله ان يوفقك الي اتممها بحول من وقوة ولا تمل حتي لانمل
ـ[العوضي]ــــــــ[02 - 05 - 03, 01:29 ص]ـ
4 - ولا تكُ في القرآن بالوقف قائلاً --- كما قال أتْباعٌ لجمٍ وأسححُوا
¥