تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد أن أنهى الناظم الكلام علىالمسألة الأولى بدأ يرد على طائفة من طوائف الجهمية , وهو الواقفة.

معلوم أن مذهب أهل السنة هو أنهم يفصحون ويصرحون بأن القرآن كلام غير مخلوق , ومذهب الجهمية يصرحون فيه بضد ذلك , وهو أن القرآن مخلوق , ونشأ على إثر عقيدة الجهمية هذه بدعة الواقفة , فنشؤوا متأثرين ببدعة الجهمية الذين قالوا القرآن مخلوق , وبدؤوا ينشرون ذلك بين الناس , وأخذوا يثيرون الشبه , وأهل السنة يردون عليهم , ففي هذه الأجواء نشأ الوافقة الذين تأثروا بالجهمية - وهو قوم شكاك - فقالوا القرآن كلام الله ولا يقال مخلوق ولا غير مخلوق , وإنما قالوا ذلك لتأثرهم ببدعة الجهمية ودخولها في نفوسهم , ولذلك لم يستطيعوا الإفصاح بالمعتقد الحق وهو أن القرآن غير مخلوق , ولذا قال الإمام (الواقفة جهمية) والناظم أيضا يقول ذلك فقد وصفهم بأنهم (اتباع الجهمية) وبعض أهل العلم قال (هم شر من الجهمية) , ووجه: أن معتقد الجهمية مصرح فيه بالباطل , وهو وهو أن القرآن مخلوق , فنقده وبيان فساده للناس بالحجج والبراهين سهل , ولكن لما يأتي الواقفة ويقررون مذهبهم على أنه من باب الورع ويقفون في هذه الصفة , فهذا أخطر ما يكون على العوام , فيظنون أن في قولهم شيئاً من الوسطية والاعتدال , والواجب الإفصاح بالمعتقد الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة. وعدم الإيمان به أو التوقف والتردد كله زيغٌ وضلال , والله يقول (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ... ) (الحجرات15) والتوقف عن الإيمان بالحق نوعٌ من الشك والريْب.

(جهم) هو ابن صفوان , رأس من رؤوس الجهمية , وقد ذكر أهل العلم منشأ هذا التعطيل: أن الجهم أخذه عن الجعد بن درهم عن ابان بن سمعان عن طالوت ابن أهت لبيد عن لبيد بن الأعصم اليهودي وهو أخذ ذلك عن يهود اليمن , هذه سلسلة هذا الضلال متصلةٌ باليهود , ومن هذا يعلم أن أساس التعطيل هم اليهود كما أنهم هم أساس الرافضة.

(أسجحوا) أسجح بالشيء أي لانت به نفسه , فأتباع جهم لانت نفوسهم ومالت قلوبهم إلى هذا المعتقد , وفي نسخة (أسمحوا) وهو بمعناه أي: سمحت نفوسهم باعتقاد هذا القول وتقريره رغم فساده وبطلانه.

وإلى اللقاء في البيت الخامس.

ـ[العوضي]ــــــــ[02 - 05 - 03, 04:15 م]ـ

5 - ولا تقل القرآن حلْقٌ قرأْتُهُ --- فإن كلام اللهِ باللفظ يُوضحُ

ثم قال (ولا تقل القرآن خلق قرأته ... ) أي لا تقل قراءتي بالقرآن مخلوقة , وهذا فيه الرد على بدعة أخرى غير بدعة الواقفة , ألا وهي بدعة اللفظية الذين يقولون لفظي بالقرآن مخلوق , أو تلاوتي بالقرآن مخلوقة أو قراءتي بالقرآن مخلوقة.

ومنشأ هذه البدعة هي بدعة الجهمية نفسها , وشبهتهم هي شبهة الجهمية , لأن اللفظ والتلاوة والقرءة كلها مصادر تحتمل أحد أمرين: تحتمل الملفوظ والمتلو والمقروء وهو كلام الله وهذا غير مخلوق , وتحتمل حركة اللسان والشافه والحنجرة وصوت الإنسان وهي مخلوقة , فعندما يقال (لفظي بالقرآن مخلوق) يحتمل أحد هذين.

فاللفظية هم - كما قرر أهل العلم - جهمية , وإنشاؤهم لهذه البدعة إنما كان لتقرير مذهب الجهم من طريق آخر وشبهة أخرى , للتلبيس على الناس , فهو عندما يقول (لفظي بالقرآن مخلوق) إلى قول الجهمية القائلين بخلق القرآن , ولذا قال الإمام أحمد رحمه الله وغيره (اللفظية جهمية). أي: من قال اللفظ بالقرآن مخلوق فهو قائل بقول الجهم.

قال الإمام أحمد رحمه الله (من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي , ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع) لأن قوله (لفظي بالقرآن مخلوق) يحتمل أمرين أحدهما مخلوق وهو حركة اللسان والآخر غير مخلوق وهو كلام الله , وباطل أن يقال إن كلامه سبحانه مخلوقٌ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير