ـ[العوضي]ــــــــ[26 - 08 - 03, 01:01 ص]ـ
24 - عَلى النهرِ في الفِرْدوسِ تَحْيَا بِمَائِهِ --- كَحِبِّ حَمِيلِ السَّيْلِ إذْ جَاءَ يَطْفَحُ
(الفردوس) اسم من أسماء الجنة , ويطلق على أعلى الجنة وفي الحديث , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة ووسط الجنة وفوقه عرس الرحمن) (1).
(كحِب حميل السيل) وفي بعض النسخ (كحِبة حميل السيل) وهما بمعنى واحد , (والحِب) بالكسر هو بزور الصحراء مِما ليس بقوت , وقيل هو نبت صغير ينبت في الحشيش , وأمَّا (الحَبة) بفتح الحاء فهي ما يزرعه الناس , وحميل السيل أي: الذي يحمله السيل , لأن السيل إذا جاء حمل معه البذور ثم يلقيها على جنبتيه ثم تحيى هذه البذور وتنبت بماء السيل , وهكذا الشأن يكون في هؤلاء المخرَجين.
(إذا جاء يطفح) أي: إذ جاء ذلك السيْل يعني وقت مجيئه (يطفح) أي يفيض , يُقال طفح الإناء أي: امتلأ وارتفع الماء فيه.
وهؤلاء الذين ضُرب لهم هذا المثل هم من أهل الكبائر والعظائم فيما دون الشرك , وأمَّا المشركين الكفار فهم مخلدون في النار أبد الآبدين , لا يُقضى عليهم فيموتوا ولا يُخفف عنهم من عذابهم , ولا يخرجون منها أبداً كما قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (فاطر36 - 37)
فهذا شأن الكفار ومآلهم , وأمَّا مرتكبو الكبائر وعصاة الموحدين فحكمهم عند أهل السنة أنهم تحت المشيئة إن شاء الله عذبهم وإن شاء غفر لهم وإن أدخلهم النار فلا يخلدون فيهل بل يخرجون بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين.
والبيتان (23 - 24) يتضمنان الرد على الخوارج والمعتزلة الذين يقولون إن مرتكب الكبيرة مخلد في النار.
وفي البيتين أيضاً إشارة إلى الجنة ونعيمها والنار وعذابها , والإيمانُ بذلك وبكافة التفاصيل الواردة في الكتاب والسنة المتعلقة بالجنة والنار هو من الإيمان باليوم الآخر.
وإلى اللقاء في شرح البيت الخامس والعشرون
ـــــــــ
(1) البخاري برقم 6987
ـ[العوضي]ــــــــ[27 - 08 - 03, 12:58 ص]ـ
25 - وإن رَسُولَ اللهِ للخَلْقِ شَافِعٌ --- وقُلْ في عَذابِ القَبْرِ حَقّ موَُضحُ
(وإن رسول الله) فيه الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ويجمع خصائصه، والرسول:
هو من بعثه الله بوحيه الكريم و ذكره الحكيم مبشرا ونذيرا و داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
والمراد برسول الله هنا، أي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين وقائد الغر المحجلين، صاحب المقام المحمود والحوض المورود الشافع المشفع صلوات الله وسلامه عليه.
(للخلق) إشارة إلى الشفاعة العظمى التي تكون في عرصات يوم القيامة والتي يغبطه عليها الأولون والآخرون، وهذه الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم تكون لجميع الخلائق بان يبدأ الله في حسابهم، و حديث الشفاعة حديث متواتر قد ورد من عدة اوجه عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وابن عمر وابن عباس وابوهريرة وانس وحذيفة وغيرهم رضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين، ومن هذه الأحاديث ما رواه الشيخان من حديث أبى هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك يجمع الناس الاولين والاخرين في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس الا ترون ما قد بلغكم الا تنظرون من يشفع لكم الى ربكم فيقول بعض الناس لبعض عليكم بادم فياتون ادم عليه السلام فيقولون له انت ابو البشر خلقك الله بيده. ونفخ فيك من روحه، وامر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا الى ربك، الا ترى الى ما نحن فيه الا ترى الى ما قد بلغنا فيقول ادم ان ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وانه نهاني عن الشجرة
¥