تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما كانت المنظومة مختصرة لا يمكن استيعاب الأدلة فيها اكتفى الناظم بالإشارة إلى قوله صلى الله علية وسلم (كل بني أدم خطاء وخير الخطائين التوابون) (6) ولهذا قال (فكلهم يعصي) فإذا كان تكفير أهل المعاصي سائغا فلا يبقى أحد عندئذ على الإسلام، فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر في هذا الحديث الذي أشار إليه الناظم أن كل بني أدم خطاء. وفي الحديث الآخر قال (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم) (7)

(وذو العرش يصفح) كما في قوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرحيم) (الزمر53) وهذا دلالة على عظيم عفو الله، وجميل صفحة، وسعة مغفرته، وكما رحمته، وانه سبحانه لايتعاظمه ذنب أن يغفره، فمن تاب تاب الله عليه، والحسنات ماحية للذنوب، والمصائب كفارات، والله ذو الفضل العظيم.

(ذو العرش) ما يقال فيه (ذو) شانه شان المضافات إلى الله وهي على نوعين:

1) إضافة الصفة إلى الموصوف كما في قوله تعالى (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

) (الرحمن78). فالجلال والإكرام وصفان لله تعالى

2) إضافة المخلوق إلى الخالق ومنه قوله تعالى (ذْو الْعَرْش) (غافر15) فالعرش مخلوق من مخلوقات الله وهذه الإضافة تقتضي التشريق والتكريم.

والعرش هو أكبر المخلوقات، وهو سقفها وهو على المخلوقات كالقبة. والعرش الحقيقي وهو في اللغة سرير الملك كما في قوله (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) (النمل23) أي ملكة سبأ.

وعرش الرحمن له قوائم كما في الحديث (فإذا موسى اخذ بقائمه من قوائم العرش) (8) وله حملة و هم من الملائكة وعددهم ثمانية (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) (الحاقة17) و هناك ملائكة حافون من فوق العرش. وصفات العرش كثيرة.

ويجب الإيمان بوجود العرش ولا يجوز الخوض فيه بالتأويلات الفاسدة، بل نومن بأنه عرش حقيقي عظيم كريم مجيد، ونومن بجميع صفاته الواردة في القران والسنه، ونومن بان الله مستو عليه استواء يليق بجلاله كما قال (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه5)

أما أهل الكلام فلا يؤمنون بالعرش بل يؤولونه بتأويلات فاسدة. وكذلك يحرفون معنى الاستواء فقوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه5) ما من كلمة من هذه الآية إلا وقد حرفها هؤلاء، ولهم شبه بها يجحدون الاستواء من أعظمها: لو كان الله مستويا على العرش للزم إن يكون محتاجا إليه كما قال تعالى (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ... ) (الزخرف12 - 13) ولو غرق الفلك لغرق من عليه و لو سقطت الدابة لسقط من عليها، فدل علي احتياجه إلى الفلك والأنعام والى كل ما يستوي عليه، ثم جاءوا إلى قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه5) ولم يفهموا من الاستواء المضاف في الآية إلى الله إلا عين استواء المخلوق وقالوا يلزم من إثبات ذلك احتياجه إلى العرش، فبناء على هذه الشبهة التي في عقولهم، نفوا استواء الله على العرش، وبعد ذلك هم إما أحد خيارين: إما أن يقولوا الله ليس فوق ولا تحت ولا داخل العالم ولا خارجه، و إما أن يقولوا الله في كل مكان، فهم فروا من شر ثم وقعوا شرور اعظم و بلاء اشد.

وعوداً على مرتكب الكبيرة فالقول الحق فيه انه لا يكفر، ولا يقال انه مؤمن كامل الإيمان، و إنما يقال مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو يقال مؤمن ثم انتقل الناظم إلى ذكر قولين باطلين في المسألة فقال:

وإلى اللقاء في البيت السابع والعشرون

ــــــــــ

(1) البخاري رقم 391

(2) مسلم برقم 82

(3) أحمد في المسند برقم23325 وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم4143

(4) أحمد في المسند برقم 6576 قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله (بإسناد حسن) مجموع فتاواه 10/ 278

(5) الترمذي برقم 2622 , وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2622

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير