تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى الدارقطني في الصفات عن الوليد بن مسلم قال: سألت مالكا والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات، فقالوا: أمروها كما جاءت، وأخرجه أيضاً الآجري في الشريعة وابن عبد البر في التمهيد، وجاء في روايته: أمروها كما جاءت بلا كيف. وروى أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن عبد الله قال: كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء -يعني العرق- ثم رفع رأسه، ورمى بالعود، وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنك صاحب بدعة، وأمر به فأخرج. انتهى.

وقال المباركفوري في شرح سنن الترمذي: قوله (وأمروها بلا كيف) بصيغة الأمر من الإمرار أي أجروها على ظاهرها ولا تعرضوا لها بتأويل ولا تحريف بل فوضوا الكيف إلى الله سبحانه وتعالى ... وقد صنف الحافظ الذهبي في هذا الباب كتاباً سماه كتاب العلو للعلي الغفار في إيضاح صحيح الأخبار وسقيمها وهو كتاب مفيد نفيس نافع جداً ذكر في أوله عدة من آيات الاستواء والعلو ثم قال: فإن أحببت يا عبد الله الإنصاف فقف مع نصوص القرآن والسنة ثم انظر ما قاله الصحابة والتابعون وأئمة التفسير في هذه الآيات وما حكوه من مذاهب السلف .. إلى أن قال: فإننا على اعتقاد صحيح وعقد متين من أن الله تعالى تقدس اسمه لا مثل له وأن إيماننا بما ثبت من نعوته كإيماننا بذاته المقدسة إذ الصفات تابعة للموصوف فنعقل وجود الباري ونميز ذاته المقدسة عن الأشباه من غير أن نعقل الماهية، فكذلك القول في صفاته نؤمن بها ونتعقل وجودها ونعلمها في الجملة من غير أن نتعقلها أو نكيفها أو نمثلها بصفات خلقه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. فالاستواء -كما قال مالك الإمام وجماعة- معلوم والكيف مجهول. ثم ذكر الذهبي الأحاديث الواردة في العلو واستوعبها مع بيان صحتها وسقمها ثم ذكر بعد سرد الأحاديث أقوال كثير من الأئمة وحاصل الأقوال كلها وهو ما قال إن إيماننا بما ثبت من نعوته كإيماننا بذاته المقدسة إلخ، ونقل عن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفات فكلهم قالوا لي: أمروها كما جاءت بلا تفسير وإن شئت تفاصيل تلك الأقوال فارجع إلى كتاب العلو. انتهى.

وقد تكلم الشيخ عبد الله الغنيمان في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري على بيان معاني هذا الحديث وتحقيق الحق في شأنه فقال: قوله (فيأتيهم الله) هذا من أوصاف الله وأفعاله التي يفعلها إذا شاء، وهي ما يجب الإيمان به على ظاهر النص، كما هي طريقة سلف هذه الأمة الذين تلقوا ذلك عن الله ورسوله بالقبول والتسليم، ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغير على الله وأعظم تعظيماً له، وأعلم به وبما يجب له، وما يمتنع عليه، من أهل التأويل الذي يزعمون أنهم ينزهون الله عن أوصاف المحدثين -كما يقولون- ولهذا تجدهم يجهدون أنفسهم في تحريف كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم زاعمين أنه لو أجري على ظاهره لأفاد التشبيه والتجسيم، فلذلك جعلوا تأويله واجباً، والواقع أن ما يسمونه من ذلك تأويلاً هو تحريف وإلحاد ... وفي هذه الجملة من الحديث، وهي قوله (فيأتيهم الله، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه) شاهد للباب، لأن ظاهره أنهم يرونه غير أنهم في هذه المرة لم يعرفوه، لأنه تعالى لم يظهر لهم بأوصافه التي يعرفونه بها، وقد جاء في رواية أبي سعيد الآتية: (فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة) ولهذا قالوا: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير