تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن الناس من يقول: هذا يقتضي جواز التوسل به مطلقاً حياً أو ميتاً. وهذا يحتج به من يتوسل بذاته بعد موته وفي مغيبه ويظن هؤلاء أن توسل الأعمى والصحابه في حياته كان بمعنى الإقسام به على الله أو بمعنى أنهم سألوا الله بذاته أن يقضي حوائجهم ويظنون أن التوسل به لا يحتاج إلى أن يدعو هو لهم ولا أن يطيعوه فسواء عند هؤلاء دعا الرسول لهم أو لم يدع , الجميع عندهم توسل به، وسواء أطاعوه أو لم يطيعوه ويظنون أن الله تعالى يقضي حاجة هذا الذي توسل به بزعمهم ولم يدع له الرسول كما يقضي حاجة هذا الذي توسل بدعائه ودعا له الرسول صلى الله عليه و سلم، إذ كلاهما متوسل به عندهم ويظنون أن كل من يسأل الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد توسل به كما توسل به ذلك الأعمى وأن ما أمر به الأعمى مشروع لهم وقول هؤلاء باطل شرعاً وقدراً فلا هم موافقون لشرع الله ولا ما يقولونه مطابق لخلق الله.

ومن الناس من يقولون: هذه قضية عين يثبت الحكم في نظائرها التي تشبهها في مناط الحكم، لا يثبت الحكم بها فيما هو مخالف لها لا مماثل لها والفرق ثابت شرعاً وقدراً بين من دعا له النبي صلى الله علي و سلم و بين من لم يدع له ولا يجوز أن يجعل أحدهما كالآخر.

وهذا الأعمى شفع له النبي صلى الله عليه وسلم فلهذا قال في دعائه ((اللهم فشفعه في)) فعلم أنه شفيع فيه، ولفظه ((إن شئت صبرت وإن شئت دعوت لك فقال: ادع لي، فهو طلب من النبي صلى الله عليه و سلم أن يدعو له، فأعمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يصلي ويدعو هو أيضاً لنفسه ويقول في دعائه ((اللهم شفعه في)) فدل ذلك على أن معنى قوله: أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد، أي بدعائه و شفاعته كما قال عمر ((اللهم إن كنا إذا أجدنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا)).

فالحديثان معناهما واحد: فهو صلى الله عليه و سلم علم رجلاً أن يتوسل به في حياته كما ذكر عمر أنهم كانوا يتوسلون به إذا أجدبوا ثم إنهم بعد موته إنما كانوا يتوسلون بغيره بدلاً عنه.

فلو كان التوسل به حياً وميتاً سواء، والمتوسل به الذي دعا له الرسول، كمن لم يدع له الرسول، لم يعدلوا عن التوسل به وهو أفضل الخلق وأكرمهم على ربه وأقربهم إليه وسيلة – إلى أن يتوسلوا بغيره ممن ليس مثله.

وكذلك لو كان الأعمى توسل به ولم يدع له الرسول بمنزلة ذلك الأعمى لكان عميان الصحابة أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمى، فعولهم عن هذا إلى هذا – مع أنهم السابقون الأولون المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فإنهم أعلم منا بالله ورسوله وبحقوق الله ورسوله وما يشرع من الدعاء وينفع وما لم يشرع ولا ينفع وما يكون أنفع من غيره وهم في وقت الضرورة ومخمصة وجدب يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير وإنزال الغيث بكل طريق ممكن دليل على أن المشروع ما سلكوه دون ما تركوه.

ولهذا ذكر الفقهاء في كتبهم في الاستسقاء ما فعلوه دون ما تركوه وذلك أن التوسل به حياً هو الطلب لدعائه وشفاعته وهو من جنس مسألته أن يدعو لهم وهذا مشروع فمازال المسلمون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته أن يدعو لهم.

وأما بعد موته فلم يكن الصحابة يطلبون منه الدعاء لا عند قبره ولا عند غير قبره كما يفعل كثير من الناس عند قبور الصالحين، يسأل أحدهم الميت حاجته. أو يقسم على الله به ونحو ذلك.

السؤال:

كاتب هذا السؤال يعتقد عدم جواز التوسل النبي صلى الله عليه و سلم ولا غيره إلا ما كان وارداً عن السلف (كطب الدعاء منهم أو التوسل بالأعمال الصالحة لنفس الداعي أو بالأسماء الحسنى لله سبحانه وتعالى والصفات العليا).

الجواب:

نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والثبات على العقيدة الإسلامية الصحيحة حتى نلقاه على ما يحب منا ويرضى.

السؤال:

أرجو توضيح قول شيخ الإسلام السابق وهل يقوله على أنه صحب عن الإمام أحمد رضي الله عنه أم هو بصيغة التمريض كما هو ظاهر من اللفظ؟

الجواب:

قد وضح معناه في الجواب عن السؤال الثالث، أما ما نقل عن الأمام أحمد في التوسل النبي صلى الله عليه و سلم بصيغة التمريض فلا نعلم له طيقاً صحيحاً عن الإمام أحمد رحمه الله ولو صح عنه لم يكن به حجة بل الصواب ما قاله غيره في ذلك وهم جمهور أهل السنة لأن الأدلة الشرعية في ذلك معهم والله ولي التوفيق.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي.

عضو: عبدالله بن غديان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: كتاب فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء. جمع و ترتيب الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الدويش. المجلد الأول (العقيدة) / من الصفحة رقم 341 إلى الصفحة رقم 354 طبعة مكتبة المعارف بالرياض الطبعة الأولى عام 1412هـ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخي الكريم قبل المشاركة بتعليقك على هذا المقال تذكر قول الله تعالى:

((هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ))

يقول الإمام ابن سرين رحمه الله: أن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير