- وعليه فالقرآن كله محكم باعتبار أنه متقن في نظمه وأسلوبه مانع من دخول غيره فيه ودليل ذلك قوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} … (هود: من الآية1).
- وكله متشابه باعتبار أنه متماثل في فصاحته وبلاغته وحلاوته، ودليل ذلك قوله تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِها} … (الزمر: من الآية23).
- وبعضه محكم وبعضه متشابه باعتبار أن بعضه أحكام نصية لا تحتمل إلا وجهاً واحداً ولا يختلط الأمر في فهمها على أحد، وبعضه أحكام تحتمل أكثر من وجه لحكمة سامية وهى التي يقع فيها الاشتباه ويتأتى في فهمها الاختلاط والالتباس ودليل ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} … (آل عمران: من الآية7).
فهذا تعريف هو تعريف المحكم والمتشابه لغة أما في الاصطلاح فقد وقع خلاف بين العلماء في المراد بالمحكم والمتشابه.
* التعريف اصطلاحاً بالمحكم والمتشابه:
- قيل المحكم هو الواضح الدلالة الظاهر الذي لا يحتمل النسخ.
أما المتشابه فهو الخفي الذي لا يدرك معناه عقلاً ولا نقلاً وهو ما استأثر الله تعالى بعلمه كقيام الساعة والحروف المقطعة في أوائل السور و قد عز الألوسي هذا الرأي إلى الحنفية من الفقهاء.
- وقيل إن المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل.
أما المتشابه فهو ما استأثر الله تعالى بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور ينسب هذا القول إلى أهل السنة فهو المختار عندهم.
- ومنهم من قال إن المحكم ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً من التأويل.
والمتشابه ما احتمل أوجهاً ويعزى هذا الرأي إلى ابن عباس ويجرى عليه أكثر الأصوليين.
- ومنهم من قال إن المحكم ما كانت دلالته راجحة وهو النص والظاهر.
وأما المتشابه فما كانت دلالته غير راجحة وهو المحمل والمؤول والمشكل ويعزى هذا القول إلى الرازى واختاره كثير من المحققين.
فهذه بعض الفروق بين المحكم والمتشابه ولهذا الحديث تفصيل أخر ليس هذا محله.
وظاهر أن المتشابه اللفظي هو ما كان في أحرف اللفظ دون حقائق معناه وهذا هو الفرق بينه وبين المتشابه على الإجمال والذي ورد ذكره في قوله تعالى: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} … (آل عمران: من الآية7)، وهو الذي وقع فيه الخلاف هل هو مما استأثر الله بعلمه فلا يخوض فيه أحد أم هو مما احتمل معانٍ عدة ولا يخوض فيه 'لا الراسخون في العلم؟!!
وقد ذكر ابن المثاوى (توفي:336 هجرياً) في كتابه متشابه القرآن العظيم أن المتشابه كائن في أشياء:
1. فمنها متشابه أعراب القرآن.
2. ومنها متشابه غريب حروف القرآن ومعانيه.
3. ومنها متشابه تأويل القرآن وهو الذي يقابل المحكم.
4. ويدخل فيه أيضاً متشابه ناسخ القرآن ومنسوخه وتقديمه وتأخيره وخصوصه وعمومه.
5. ومنها متشابه خطوط المصاحف الأُوَل وحروف كتبت في بعضها على خلاف ما كتبت في البعض الأحر.
* تقسيم المتشابه:
وقد قُسِّم المتشابه تقسيمات مختلفة
فقسمه ابن الجوزي في كتابه [المدهش] إلى فصول:
- أولها: فصل في الحروف المبدلات
وعنى به تشابه اللفظين بأبدال كلمة بكلمة، وَمثَّل له بأمثلة كثيرة إلا أنه لم يقصد الحصر وذلك نحو قوله تعالى: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَات} … (البقرة: من الآية29) وقال تعالى في حم فصلت {فَقَضَاهُنَّ} … (فصلت: من الآية12).
- ثانيها: فصل في الحروف الزوائد والنواقص
كما في قوله تعالى في البقرة {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} … (البقرة: من الآية23) وفي يونس: {بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} … (يونس: من الآية38).
- ثالثها: في المقدم والمؤخر
كما في قوله تعالى في البقرة: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} … (البقرة: من الآية58) وفي الأعراف {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً} … (لأعراف: من الآية161).
وقسمه الزركش في كتابه [البرهان في أصول القرآن] إلى عدة فصول.
الفصل الأول: المتشابه باعتبار الإفراد، وهو على أقسام:
¥