تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت:فلم نجد لهم رواية ثابتة جاءت من طريق صحيح لإثبات إباحة المدينة،بالرغم من أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن حجر - رحمهما الله – قد أقراّ بوقوع الاغتصاب، ومع ذلك لم يوردا مصادرهم التي استقيا منها معلوماتهما تلك، ولا يمكننا التعويل على قول هذين الإمامين دون ذكر الإسناد، فمن أراد أن يحتج بأي خبر كان فلا بد من ذكر إسناده، وهو ما أكده شيخ الإسلام ابن تيميّه حينما قال في المنهاج: " لا بد من ذكر (الإسناد) أولاً، فلو أراد إنسان أن يحتج بنقل لا يعرف إسناده في جُرْزَةِ بقل لم يقبل منه، فكيف يحتج به في مسائل الأصول " ا. هـ. فكيف نقبل الحكم الصادر على الجيش الإسلامي في القرون المفضلة بأنه ينتهك العرض دون أن تكون تلك الروايات مسندة، أو لا يمكن الاعتماد عليها! ثم على افتراض صحتها جدلاً فأهل العلم حينما أطلقوا الإباحة فإنما يعنون بها القتل والنهب كما جاء ذلك عن الإمام أحمد، وليس اغتصاب النساء، فهذه ليست من شيمة العرب، فمن المعلوم أن انتهاك العرض أعظم من ذهاب المال، فالعرب في الجاهلية تغار على نسائها أشد الغيرة، وجاء الإسلام ليؤكد هذا الجانب ويزيده قوة إلى قوته، واستغل الرافضة هذه الكلمة – الإباحة – وأقحموا فيها هتك الأعراض، حتى أن الواقدي نقل بأن عدد القتلى بلغ سبعمائة رجل من قريش والأنصار ومهاجرة العرب ووجوه الناس، وعشرة آلاف من سائر الناس! وهو الذي أنكره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- فقال: لم يقتل جميع الأشراف، ولا بلغ عدد القتلى عشرة آلاف، ولا وصلت الدماء إلى قبر النبي – صلى الله عليه وسلم –" ا. هـ.

- ثم إن المدينة كانت تضم الكثير من الصحابة والتابعين، وبعضهم لم يشترك في المعركة من أمثال: ابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وعلي بن الحسين، وسعيد بن المسيِّب، وهؤلاء لن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون النساء المؤمنات يفجر بهنّ، حتى التبس أولاد السفاح بأولاد النكاح كما زعموا!.

- كما أننا لا نجد في كتب التراجم أو التاريخ ذكراً لأي شخص قيل إنه من سلالة أولاد الحرة (الألف) كما زعموا.

- سجّل لنا التاريخ صفحات مشرقة ما اتسم به الجندي المسلم والجيوش الإسلامية، من أخلاق عالية وسلوك إسلامي عظيم، حتى أدت في بعض الأحيان إلى ترحيب السكان بهم، كفاتحين يحملون الأمن والسلام والعدل للناس.

- لم ينقل إلينا أن المسلمين يفتحون المدن الكافرة، ويقومون باستباحتها وانتهاك أعراض نسائها! فكيف يتصور أن يأتي هذا المجاهد لينتهك أعراض المؤمنات، بل أخوات وحفيدات الصحابة – رضوان الله عليهم – سبحانك هذا بهتان عظيم.

- ومن العجيب أن هناك من نسب إلى يزيد بن معاوية أنه لما بلغته هزيمة أهل المدينة بعد معركة الحرة، تمثل بهذا البيت:

- ألا ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل

- فهذا البيت قاله ابن الزبعري بعد معركة أحد، وكان كافراً ويتشفى بقتل المسلمين، وذكره البن كثير ثم عقّب بعده بالقول: " فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فعليه لعنة الله وعليه لعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله على من وضعه عليه ليشنع به عليه " ا. هـ. ثمّ أنكر – رحمه الله – في موضع آخر من كتابه نسبة هذا البيت إلى يزيد، وقال: " إنه من وضع الرافضة " ا. هـ.، وجزم شيخ الإسلام ببطلانه فقال: " ويعلم ببطلانه كل عاقل "

رابعاً: استدلوا بجواز لعنه بما روي عن الإمام أحمد:

وهي التي أخرجها أبو يعلى الفراء بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: إن قوماً يُنسبون إلى تولية يزيد، فقال: يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله؟ فقلت: ولم لا تلعنه؟ فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئاً، ولم لا يُلعن من لعنه الله في كتابه؟ فقرأ قوله تعالى {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}.

قلت: وهذه الرواية لا تصح للعلل التالية:

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: " هذه الرواية التي ذكرت عن أحمد منقطعة ليست ثابتة عنه، ثم إن الآية لا تدل على لعن المعيّن " ا. هـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير