قول الدكتور:» وكل علمائنا وأئمتنا الكبار من هؤلاء … «- يقصِد الأشاعرة والماتُريدية - و ذكر منهم: الاسفراييني، والجويني، والباقلاني، والغزالي، والآمدي، وابن حجر العسقلاني، وأبو الوليد الباجي، وغيرهم من العلماء، وسنبين إن شاء الله هُنا حال بعض الذين ذكرهم، وحال غيرهم ممن اتبع سبيلهم ونهج طريقهم حتى يتبين لنا الحق في ذلك من غيره والله وحده المستعان.
[1] أن الأئمة الكبار، والعلماء الجهابذة الفخام لم يكونوا لا أشاعرة ولا ماتُريدية ولا معتزلة جهمية ولا رافضة ولا خوارج ولا قرامطة ولا باطنية ولا غير ذلك من الفرق المنحرفة الضالة، بل هم أئمة سلفيين أهل سُنةٍ وجماعة كما مر معنا في الوقفة العاشرة.
[2] أن العلماء الذين ذكرهم لا يصلون في الفضل والعلم إلى مرتبة الأئمة الأربعة ولا أئمة الحديث والفقه والذين ذكرنا بعضاً منهم في الوقفة العاشرة.
أن الماتُريدي والمنتسبين إليه وكثيراً من المنتسبين للأشعري هم في الحقيقة موافقون للمعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم التي تقلدوها، وبيان ذلك فيما يلي: إن أول من أنكر صفات الله تعالى في دار الإسلام هو الجعد بن درهم، فقد أنكر صفة محبة الله تعالى لعباده المؤمنين وأنكر كلام الله تعالى،فقتله الأمير خالد بن عبدالله القسري في عيد الأضحى حيث خطب الناس وقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم، فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيرا، ثم نزل فذبحه كما تذبح الشاة، ثم أخذ هذه المقالة الخبيثة الجهم بن صفوان تلميذ الجعد بن درهم ونشرها بين المسلمين فنُسبت هذه البدعة إليه فسُميت ببدعة الجهمية، وكل من قال بذلك فهو جهمي، ثم أخذ هذه البدعة الضال بشر بن غياث المِريسي الجهمي وحاول نشرها بين المسلمين، فرد عليه عُلماء السلف الجهابذة الأجلاء أهل السنة والجماعة، وصاحوا بهم من كل مكان وبدَّعوهم وكفروهم وضللوهم على هذه البدعة التي انتشرت بين بعض عوام المسلمين، بل وصلَ
أثرها السيء إلى بعض المنتسبين للعلم من أتباع الأئمة الأربعة حتى أدى ذلك بهم إلى تأويل صفات الله تعالى بزعم أن ظاهرها يقتضي التشبيه، وهذا القول أول من عُرف به هم الجهمية وأتباعهم من المعتزلة وأهل الكلام،قال شيخ الإسلام ابن تيمية:» وهذا القول أول من عُرف به هم الجهمية والمعتزلة وانتقل منهم إلى الكُلاَّبية والأشعرية والسالمية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة: كأبي الحسن التميمي، وابنه أبي الفضل، وابن ابنه رزق الله، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وأبي الحسن بن الزاغوني، وأبي الفرج
ابن الجوزي، وغير هؤلاء من أصحاب أحمد وإن كان الواحد من هؤلاء قد يتناقض في كلامه، وكأبي المعالي الجويني وأمثاله من أصحاب الشافعي،وكأبي الوليد الباجي وطائفة من أصحاب مالك، وكأبي الحسن الكرخي وطائفة من أصحاب أبي حنيفة «. [مجموع الفتاوى (5/ 576)]
ولهذا كان من الواجب أن نبين بعض حال هؤلاء الذين سماهم الدكتور ووصفهم أنهم من أهل السنة والجماعة، فنبدأ بالأشعري فنقول وبالله التوفيق:
الأشعري (أبو الحسن) رحمه الله تعالى المتوفى سنة 324 هـ
فقد كان في مبدأ أمره يقول بقول المعتزلة الذين منهم شيخه وزوج أمه أبو علي الجبائي رأس المعتزلة وهذا الذي أثر فيه وجعله يتمسك بمذهب المعتزلة
أربعين سنة، ثم بعد ذلك تحول عنه إلى مذهب الكُلابية أتباع أبي محمد عبدالله بن سعيد بن كُلاب، وتاب من القول بمذهب المعتزلة وجعل يرد عليهم
ويفضح مذاهبهم وأقوالهم، فألف في هذه الفترة كتبه:» اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع «و» كشف الأسرار وهتك الأستار «وغيرها من الكتب «[انظر الفهرست لابن النديم ص 257 وكذلك تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص 39 – 42]
¥