تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذهب بعض العلماء الى تقسيم البدع بأقسام احكام الشريعه الخمسه , فجعلوا منها ما هو واجب ومندوب مباح ومكروه ومحرم , واول من ذهب الى هذا التقسيم العز بن عبدالسلام حيث قال: " البدعه فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمه الى بدعه واجبه , وبدعه محرمه , وبدعه مندوبه , وبدعه مكروهه , وبدعه مباحه " (1) ".

وقد تأثر بالعز في هذا التقسيم تلميذه القرافي الذي بسط القول في المساله ومثل لكل قسم من الاقسام السابقه بامثله فقال: اعلم ان الاصحاب متفقون على انكار البدع والحق والتفصيل وانها خمسة اقسام:

القسم الأول من البدع: واجب:

وهو ما تناولته قواعد الوجوب وادلته من الشرع كتدوين القرآن والشرائع اذا خيف عليها الضياع فأن التبليغ لمن بعدنا من القرون واجب اجماعا واهمال ذلك حرام اجماعا فمثل هذا النوع لا ينبغي ان يختلف في وجوبه.

القسم الثاني من البدع: محرم:

وهو بدعه تناولتها قواعد التحريم وادلته من الشريعه كالمكوس والمحادثات من المظالم المنافيه لقواعد الشريعه , كتقديم الجهال على العلماء وتولية المناصب الشرعيه من لا يصلح لها بطريق التوارث.

القسم الثالث من البدع: مندوب اليه:

وهو ما تناولته قواعد الندب وادلته من الشريعه كصلاة التراويح , واقامة صور الائمه (2) والقضاه وولاة الامور على خلاف ما كان عليه امر الصحابه بسبب المصالح والمقاصد الشرعيه لا تحصل الا بعظمة الولاه في نفوس الناس.

القسم الرابع من البدع: بدع مكروهه:

وهي ما تناولته ادلة الكراهه من الشريعه وقواعدها كتخصيص الايام الفاضله او غيرها بنوع من العبادات ومن ذلك في الصحيح ما اخرجه مسلم وغيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى عن تخصيص يوم الجمعه بصيام او ليلته بقيام) (3).

ومن هذا الباب الزياده في المندوبات المحدودات كما ورد في التسبيح عقيب الصلوات ثلاثا وثلاثين فيفعل مائه (4) , وورد صاع في زكاة الفطر فيجعل عشره آصع بسبب ان الزياده فيها اظهار الاستظهار على الشارع وقلة ادب بل شأن العظماء اذا حددوا شيئا وقف عنده و الخروج عنه قلة ادب , والزياده في الواجب اشد في المنع لانه يؤدي الى ان يعتقد ان الواجب هو الاصل والمزيد عليه.

القسم الخامس من البدع: البدع المباحه:

وهي ما تناولته ادلة الاباحه وقواعدها من الشريعه كاتخاذ المناخل للدقيق , ففي الآثار اول شيئ احدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ الناخل للدقيق , لان تليين العيش واصلاحه من المباحات فوسائله مباحه.

فالبدعه اذا عرضت تعرض على قواعد الشريعه وادلتها فاي شيئ تناولها من الادله والقواعد ألحقت به , من إيجاب او تحريم او غيرهما , وان نظر إليهما من حيث الجمله بالنظرالى كونها بدعه مع قطع النظر عما يتقاضاها كرهت , فان الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع (5).

بيان بطلان هذا التقسيم وانه لا اصل له:

تقسيم البدعه الى اقسام الأحكام الخمسه تقسيم باطل , لايدل عليه دليل بل هو متناقض في نفسه. وقد ورد هذا التقسيم جمله من العلماء والمحققين منهم الإمام الشاطبي الذي بين فساد هذا التقسيم وتناقصه بما لا مزيد عليه.

وها هو ذا نقض الشاطبي لهذا التقسيم مختصرا من كتاب الاعتصام.

قال رحمه الله بعد نقله لكلام القرافي السابق:

والجواب ان هذا التقسيم امر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نفسه متدافع , لأن من حقيقة البدعه ان لا يدل عليها دليل شرعي , لا من نصوص الشرع ولا من قواعده إذ لو كان هناك ما يدل من الشرع على وجوب او ندب او اباحة , لما كان ثم بدعه ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها. فالجمع بين عد تلك الأشياء بدعا وبين كون الأدله تدل على وجوبها او ندبها او اباحتها جمع بين متنافين.

اما المكروه و المحرم منها:

فمسلم من جهة كونها بدعا لا من جهة اخرى , إذ لو دل دليل على منع امر او كراهته لم يثبت ذلك كونه بدعه لإمكان ان يكون معصيه , كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها فلا بدعه يتصور فيها ذلك التقسيم البته , إلا الكراهيه والتحريم.

واما قسم الواجب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير