تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا الحديث لا يصح رفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام ابن مسعود رضي الله عنه.

قال السخاوي:" هو موقوف حسن " (21) وقال العجلوني: " إسناده ساقط والاصح وقفه على ابن مسعود " (22) وقال الالباني:" لا اصل له مرفوعا وانما ورد موقوفا على ابن مسعود " (23).

وعليه فالحديث لا يصح مرفوعا فلا يجوز ان يحتج به في معارضة الاحاديث القاطعه بأن كل بدعه ضلاله.

وعلى افتراض صحة الحديث مرفوعا فأن (أل) في كلمة المسلمون , إن كان للاستغراق ,اي كل المسلمين فاجماع حجة لا ريب فيه والاجماع الاصولي المعتبر هو اجماع اهل العلم في عصر, وليس من شك ان المقلدين ليسوا من اهل العلم. وإن كان للجنس فيستحسن بعض المسلمين هذا الامر ويستقبحه آخرون. كما هو الحال في اكثر البدع وذلك لاختلاف العقول والاهواء والاراء. وعليه سقط الاحتجاج بهذا الاثر (24).

والسياق يدل على ان المقصود بالمسلمين في الاثر فإنه (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب اصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رآه المسلمون حسنا ... ) (25) الاثر. فظهر أن الصحابه هم المعنيون بالمسلمين وهم مجمعون على وجوب لزوم الشرع ونبذ البدع.

أما قول عمر (نعمت البدعه هذه) فلا حجه لمحسني البدع قال شيخ الاسلام ابن تيميه في الرد عليهم في احتجاجهم بهذا الاثر: واما قول عمر نعمت البدعه هذه فاكثر المحتجين بهذا لو اردنا ان نثبت حكما بقول عمر الذي لم يخالف فيه , لقالوا قول الصاحب ليس بحجة فكيف يكون حجه لهم في خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن اعتقد ان قول الصاحب حجه فلا يعتقده اذا خالف الحديث.

فعلى التقديرين: لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب. نعم يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يخالف على إحدى الروايتين فيفيدهم هذا حسن تلك البدعه اما غيرها فلا.

ثم نقول: اكثر ما في هذا تسمية تلك بدعه مع حسنها , وهذه تسميه لغويه لا تسميه شرعيه وذلك ان (البدعه) في اللغه تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق , واما البدعه الشرعيه فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي.

فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل او ايجابه بعد موته او دل عليه مطلقا ولم يعمل به إلا بعد موته , فإذا عمل احد ذلك العمل بعد موته صح ان يسمى بدعه في اللغه , لانه عمل مبتدا كما ان نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعه ويسمى محدثا في اللغه , ثم العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنه ليس بدعه في الشريعه وإن سمى بدعه في اللغه. وإذا كان كذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعه وفرادى وقد قال لهم في الليله الثالثه والرابعه لما اجتمعوا: (إنه لم يمنعني ان اخرج اليكم الا كراهة ان يفرض عليكم) فعلل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشيه الافتراض فعلم بذلك ان المقتضى للخروج قائم وانه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم , فلما كان في عهد عمر جمعهم على قارئ واحد واسرج المسجد فصارت هذه الهيئه عملا لم يكونوا يعملونه من قبل فسمى بدعه لانه في اللغه يسمى بذلك , وان لم يكن بدعه شرعيه لان السنه اقتضت انه عمل صالح لولا خوف الافتراض , وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم وانتفى المعارض (26).

واما قول الشافعي: [البدعه بدعتان بدعه محموده وبدعه مذمومه .... ] فاستدلالهم به باطل من عدة اوجه:

الوجه الاول: ان قول الشافعي إن صح لا يصح ان يكون معارضا لعموم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وقد مضى تقرير شيخ الاسلام ان قول الصاحب اذا خالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم فليس بحجة الاجماع فكيف يكون قول الشافعي حجة وقول الصحابي ليس بحجه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير