و هذا إلى كونه يوافق الدليل الشرعي فإنه أيضًا يوافق التاريخ و المنطق , فكما كان نصر الفرس محدودًا عام 614 م كان كذلك نصر الروم على نفس القدر من المحدودية عام 624 م .. و كما كانت الهزيمة نفسية مؤلمة عند الروم باقتلاع صليبهم المقدس عام 614 م .. فكذلك كانت عند الفرس عام 624 م عند إطفاء النار المقدسة واحتلال معابدهم .. بل إنك إن راجعت الرقعة التي احتلتها الفرس حتى عام 614 م و قارنتها بالرقعة الرومانية عام 624 م فإنك تجاد تجد الرقعتين متطابقتين!.
أبحر بأسطوله إلى البحر الأسود ثم اخترق أرمينية وهاجم بلاد الفرس من خلفها، ودمر كلورمية Clorumia مسقط رأس زرادشت، كما ضرب كسرى من قبل مدينة أورشليم، وأطفأ نارها المقدسة الخالدة (624).
و هذا يؤيد كلام المصدر الذي أتيت به .. و الذي يوضح كيف أن انتصار هرقل كان واضحًا في ذلك العام و تم فيه ذلك الإنتقام ..
و هذه الأدلة كلها تدل على أن النصر المقصود في القرآن الكريم أقرب لأن يكون عام 624 م .. فإن أضفنا الأدلة الأخرى و الروايات التي تقول بأن النصر جاء عام 624 م يوم غزوة بدر فإننا نخلص من هذا أن الآية قد نزلت عام 615 م ...
كما أن هناك مسألة أخرى تجعل من يوم غزوة بدر هو يوم تحقق النبوءة يقينًا .. فكيف سيراهن أبو بكر المشركين على أمر هذه النبوءة في المدينة؟؟!! .. و كيف يتسنى للمشركين السخرية منه كما جاء في رواية ابن مسعود رضي الله سبحانه و تعالى عنه إلا قبل الهجرة؟! .. و عليه فإن ما نصت عليه الرواية بأن الركبان قد جاءت بالنصر بعد عامان فهو إذن سيكون عام غزوة بدر .. كما أنه كيف يمكن لأبي بكر أن يراهن الكفار إلا قبل تحريم الرهان .. ؟! و هو ما كان في مكة حسب علمي ..
1) أنا موافق على الجملة "624 - 627 تمكن هرقل من دفع التهديد الفارسي" فأول معركة بدأت عام 624 (يوافق معركة بدر) ومعركة نينوى كانت عام 627.
2) ما جاء في الموقع الذي يتحدث عن تاريخ الساسانيين هو حجة لي. لأن ميديا هي أذربيجان الإيرانية. انظر هذه الخارطة: http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/a/a4/Media-proper.png
3) أما قول المنصر يوسف حداد: "سنة 624 م كان طرد الفرس من سوريا" فهو غلط كبير. بل كان عام طرد الفرس من ميديا (أذربيجان). أما سوريا فقد كان بين حاكمها شهربُراز الفارسي هدنة بينه وبين الروم نكاية بكسرى الذي أراد عزله وقتله. ولم تسقط الشام إلا صلحاً بعد ذلك كما هو موضح في أول مشاركة.
4) أنا موافق لكلامك تماماً: "عمومًا فإن هذا لا يقدم و لا يؤخر فسواءً كانت الشام أو أذربيجان فالنبوءة قد تحققت يقينًا و لا يمكن لمعاند أن ينكرها تاريخيًا"
بقي تحديد هل تحققت النبوءة في بدر أم في الحديبية؟ ليس هناك فائدة كبيرة من التوسع حول الموضوع. وأظنك أجدت بالمقارنة بين تدمير الفرس للقدس وبين تدمير الروم لأقدم معبد نار في أذربيجان. فهذا يناظره هذا. والنقل من قصة الحضارة يؤيد كلامك تماماً.
ممن أثبت أن الخبر يوم بدر: سفيان الثوري بلاغاً. وهذا فيه ما فيه.
وقد جاء موصولاً من غير طريق لكن في إسناده بن أبي أويس، ولا يصح.
وجاء من حديث الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: لما كان يوم بدر، ظهرت الروم على فارس ... وعطية شيعي خبيث.
وممن أثبت أن الخبر يوم الحديبية: عطاء الخراساني (ضعيف) عن عكرمة، على أن الخبر فيه أغلاط تاريخية فادحة، فلا يقوم به حجة. وقال عنه ابن كثير: فهذا سياق غريب وبناء عجيب.
وأثبته قتادة. إسناده عند الطبري: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة. ولفظه: "فأظهر الله الروم على فارس عند رأس البِضْع سنينَ من قمارهم الأوّل، وكان ذلك مرجعَه من الحديبية"
قال ابن كثير: وقال الآخرون: بل كان نصر الروم على فارس عام الحديبية. قاله عكرمة والزهري وقتاده وغير واحد.
بالنسبة لرواية جاءت الركبان فهذا سندها عند الطبري:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربيّ، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن عبد الله، قال: كانت فارس ظاهرة على الروم، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارسُ على الروم، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس، لأنهم أهل كتاب، وهم أقرب إلى دينهم: فلما نزلت {آلم غُلِبَتِ الرُّومُ ... } إلى {فِي بِضْعِ سِنِينَ} قالوا: يا أبا بكر: إنّ صاحبك يقول: إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين، قال: صدق، قالوا: هل لك أن نقامرك؟ فبايعوه على أربع قلائص، إلى سبع سنين، فمضت السبع، ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك، وشَقَّ على المسلمين، فذكروا ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم: فقال: " ما بِضْعُ سِنِينَ عِنْدَكُمْ؟ " قالوا: دون العشر، قال: " اذْهَبْ فزَايِدْهُمْ وَازْدَدْ سنَتَيْنِ " قال: فما مضت السنتان، حتى جاءت الركبان بظهور الرُّوم على فارس، ففرح المسلمون بذلك، فأنزل الله: {آلم غُلِبَتِ الرُّومُ ... } إلى قوله {وَعْدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّهُ وَعْدَهُ}
عامر الشعبي لم يسمع من عبد الله بن مسعود.
¥