ونقل ابن القيم عن القاضي أبي يعلى أنه قال في حديث النزول)) واختلفوا في صفته، فذهب شيخنا أبو عبد الله إلى أنه نزول انتقال. قال: لأن هذا حقيقة النزول عند العرب، وهو نظير قوله في الاستواء بمعنى: قعد ((اهـ من مختصر الصواعق [ص 386].
واحتج ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن [7/ 98 - 99] بحديث عمر المتقدم:)) إن كرسيه فوق السموات والأرض، وإنه يقعد عليه ... ((ورد على من ضعفه.
وقال في النونية:
واذكر كلام مجاهد في قوله
في ذكر تفسير المقام لأحمد
إن كان تجسيماً فإن مجاهداً
ولقد أتى ذكر الجلوس به وفي
أعني ابن عم نبينا وبغيره
والدارقطني الإمام يثبت الـ
وله قصيد ضمنت هذا وفيـ
أقم الصلاة وتلك في سبحان
ما قيل ذا بالرأي والحسبان
هو شيخهم بل شيخه الفوقاني
أثر رواه جعفر الرباني
أيضاً أتى والحق ذو التبيان
آثار في ذا الباب غير جبان
ـها لست للمروي ذا نكران
قال سمير: يشير رحمه الله إلى قصيدة الدارقطني وفيها قال:
ولا تنكروا أنه قاعد
ولا تنكروا أنه يقعده
فعلم أن السلف رحمهم الله لم ينكروا صفة القعود والجلوس لله تعالى، بل أثبتوها، واحتجوا لها بالآثار، وهو مذهبهم، خلافاً لما زعم القحطاني بقوله:)) أما القول بأن الاستواء لا يكون إلا بجلوس، فليس هذا من مذهب السلف، بل مذهب السلف بخلافه ((.
ولا أدري من السلف عند الشيخ، فهذا الإمام أحمد وابنه عبد الله وسائر من ذكرنا قد أثبتوا هذه الصفة لله، ورووا آثارها في مصنفاتهم التي خصصوها لتقرير مذهب السلف والرد على مخالفيهم من الجهمية المعطلة.
وهذه الآثار وإن كان آحادها لا يخلو من مقال، إلا أنها بمجموعها تصح، ويكفي تصحيح من ذكرنا من الأئمة لها، واحتجاجهم بها.
وكان على الشيخ القحطاني، هداه الله، أن يتابع السلف في إثباتها وقبولها بالتسليم، فإن أبى ذلك وتعلل بضعف أسانيدها، كما تعلل غيره من أهل العلم المعاصرين ()، فليمرها كما جاءت، دون تجريح السلف والطعن فيهم ورميهم بالتشبيه والتجسيم، كما فعل هنا، وهو ما لم يجرؤ عليه أحد من أهل العلم قبله، ممن ينتحل مذهب السلف. وإن مما يقضي منه العجب أن الشيخ نفسه حكى هذه التهم والمطاعن المذكورة بعينها عن الكوثري، فقال في مقدمة الكتاب في ص 84 - 85 [ومن هؤلاء المبتدعة في العصر الحديث المدعو زاهد الكوثري، والمتأمل لجميع ما كتبه هذا الرجل يخرج بنتيجة قطعية لا شك فيها هي أن قلبه مملوء غيظاً على عقيدة أهل السنة والجماعة، ولذلك نصب نفسه مخاصماً لجوجاً همازاً مشاءاً بنميم .... ].
إلى أن قال: [وإليك أيها القارئ الكريم نماذج من النزهات الكوثرية حول كتاب السنة:
1 - ورد في مقالات () -أو قل جهالاته- ص 402 عنوان "كتاباً () يسمى كتاب السنة وهو كتاب الزيغ" حيث ذكر أن عبد الله أورد أثر خارجة)) وهل يكون الاستواء إلا بجلوس ((. وقد خرجت هذا القول وعلقت عليه في موضعه، والكوثري يدعي أنه يعرف من علم الرجال شيئاً، فلماذا لم يبحث في ترجمة خارجة هذا من هو؟ حتى يتبين له الأمر، لكنه تعامى عن هذا….
2 - بعدما نقل ما يريد من هذا الكتاب مما يخالف أشعريته العمياء قال ما نصه ص 407:)) فهل ترك قائل هذه الكلمات شيئاً من الوثنية والتجسيم ((.
وإذا وصل الحال إلى أن من نقل للأمة كتاب المسند والسنة والرد على الجهمية والزهد وفضائل الصحابة يوصف بأنه وثني مجسم، فعلى الدنيا العفاء] اهـ.
قال سمير: وهذا الذي شنع عليه القحطاني وعده من جهالات الكوثري وضلالاته، هو بعينه ما سطره في تعليقه على الأثر المذكور، أثر خارجة بن مصعب فقد رمى قائله بالتجسيم والتشبيه، وهذا الطعن لا يخص خارجة رحمه الله، بل ينعطف على سائر الأئمة الذين أثبتوا صفة الجلوس، ومنهم راوي الأثر ومخرجه الإمام عبد الله، فقد صرح بإثبات صفة الجلوس، ونقل عن وكيع قوله:)) أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها ((.
¥