تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأفعال , فإذا كان هذا فيما يقدر عليه صلى الله عليه وسلم في حياته فكيف يجوز أن يستغاث به بعد وفاته ويطلب منه أمور لا يقدر عليها إلا الله عز وجل؟! وإذا كان هذا في الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بمن دونه؟! وأما الإجماع فالأمة مجمعة على أن الدعاء من خصائص الله جل وعلا , وصرفه لغيره شرك.

ثانيا: سماع الأصوات من خواص الأحياء , فإذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات أهل الدنيا ولا يسمع حديثهم , قال الله تعالى: {وما أنت بمسمع من في القبور} فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى , والأصل في المشبه به أنه أقوى من المشبه في الاتصاف بوجه الشبه , وإذا فالموتى أدخل في عدم السماع وأولى بعدم الاستجابة من المعاندين الذين صموا آذانهم عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وعموا عنها , وقالوا: {قلوبنا غلف} , وفي هذا يقول تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} وأما سماع قتلى الكفار -الذين ألقوا في القليب يوم بدر- نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم , وقوله لهم: {هل وجدتم ما وعد ربكم حقا} , فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وقوله لأصحابه: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم حينما استنكروا نداءه أهل القليب فذلك من خصوصياته التي خصه الله بها , فاستثنيت من الأصل العام بالدليل.

ثالثا: دل القرآن على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ميت , ومن ذلك قوله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون} وقوله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت} وهو صلى الله عليه وسلم داخل في هذا العموم , وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم وأهل العلم بعدهم على موته , وأجمعت عليه الأمة , وإذا انتفى ذلك عنه صلى الله عليه وسلم فانتفاؤه عن غيره من الأولياء والمشايخ أولى , والأصل في الأمور الغيبية: اختصاص الله بعلمها , قال الله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} وقال تعالى: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون} لكن الله تعالى يطلع من ارتضى من رسله على شيء من الغيب , قال الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} وقال تعالى: {قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين} وثبت في حديث طويل من طريق أم العلاء أنها قالت: لما توفي عثمان بن مظعون أدرجناه في أثوابه , فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب , شهادتي عليك فقد أكرمك الله عز وجل , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما هو فقد جاءه اليقين من ربه , وإني لأرجو له الخير , والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي " فقلت: والله لا أزكي بعده أحدا أبدا رواه أحمد وأورده البخاري في كتاب الجنائز من صحيحه , وفي رواية له: ما أدري، وأنا رسول الله ما يفعل به وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه الله بعواقب بعض أصحابه فبشرهم بالجنة , وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم , أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة , فقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ثم لم يزد على أن أخبره بأماراتها , فدل على أنه علم من الغيب ما أعلمه الله به دونما سواه من المغيبات , وأخبره به عند الحاجة , كما أن الله سبحانه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مغفور له في سورة الفتح , وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: النبي في الجنة , وأبو بكر في الجنة , وعمر في الجنة , وعثمان في الجنة , وعلي في الجنة , وطلحة في الجنة , والزبير في الجنة , وعبد الرحمن بن عوف في الجنة , وسعد بن مالك في الجنة -وهو ابن أبي وقاص- وسعيد بن زيد في الجنة , وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة رضي الله عنهم جميعا , وهذا كله من علم الغيب الذي أطلع الله نبيه عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير