و عليه لم يوفق الدكتور في دفاعه عن ابن عربي، و لو أنه بدأ بحثه بنية الدفاع عن الشريعة التي أهدرها ابن عربي لوفقه الله للصواب، و لكن الطائفية العمياء التي لا يزال المسلمون يعانون منها، رغم ظهور الحقائق، و مبدأ "كذاب ربيعة أفضل من صادق مضر"، غلب عليه فترك الموضوعية جانبا، ووقع في ابن تيمية تكذيبا و اتهاما، غفر الله لنا جميعا، و سدد خطانا لما فيه خير المسلمين.
و من شاء التفصيل في هذه المسألة فعليه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية (الربوبية) و (الاستقامة) و (السلوك)، فإن فيها من الشرح و الإيضاح ما لا يدع للبوطي ما يقعد عليه، و إنما اقتصرت على هذا البحث البسيط لظني أنه يفي بالمقصود، لرد الباطل حتى يقتلعه من جذوره.
و كذلك (مدارج السالكين) لابن القيم ـ رحمه الله ـ من نظر فيه بحكمة، و تعقل، و أعطى الأشياء حقوقها، و لم يسرط الكلام دون مضغه، وجده كتابا فذا، أظهر من خلاله ابن القيم متاهات الصوفية الفلسفية الكشفية و الإشراقية، وأن السلوك الحقيقي والمعرفة الحقيقية لأتباع الرسول صلى الله عليه و سلم، لا لغيرهم، و إن هذا الدين يسر لا حرج فيه، جعله هؤلاء القوم إشارات و أسرارا، باطنها الإيمان و ظاهرها الكفر زعموا، فصار الإسلام دينا معقدا مشوشا، وقد جاء به النبي صلى الله عليه و سلم بيضاء ناصعة و اضحة وضوح النهار.
و قد جمعني في أحد الأيام حديث مع طرقي زار شيخا لهم فأخبرني أن له سبحة طويلة تشغل كل مساحة الغرفة التي يستقبل فيها زائريه، و أنه يبقى بين التسبيحة و الأخرى ساعة من الوقت، و بعد أن بينت له أن هذا لم يكن من هدي نبينا عليه الصلاة و السلام،
و في خضمّ الحديث قلت له إن الإمام أحمد رحمه الله كرّه دخول الخلاء في كل يوم كناية عن كثرة الطعام، فتعجب و اندهش، و قال لي: أو عندكم مثل هذه الأخبار، ظنا منه أن السلفية لا يحسنون الكلام إلا في الفقه و العقائد و الحديث، و أن السلوك من أسرار الصوفية، و أنه العلم الباطني و الحقيقة التي ليست لغيرهم فدعاني ذلك إلى الاسترسال في الكلام، و إلى رواية كل ما أحفظه من أخبار السلف في هذا الباب، مما أحفظه من كتابي (الزهد) لابن المبارك و الإمام أحمد، و منذ ذلك اليوم تحسنت علاقتنا، و كلما رآني أقبل و سلم علي و بادلني أطراف الحديث، و صار يحافظ على الصلوات في المسجد، لأنه كان لا يؤديها إلا في الزاوية أين يقدم لهم الأكل و الشرب بعد الفراغ من الحلقة.
وعليه وجب فهم القوم ومعرفة أين خالفوا الشرع النبوي، فإن من المغترين بهم عن حسن قصد لو وجدوا من يبين لهم لكانوا من أقوى الناس في السنة تطبيقا ودعوة إليها.
إننا إن أهملنا عبادة القلب و طهارته التي هي أعظم ما بينه الله في كتابه و رسوله في سنته، لا يمكننا أن نهدي قسما كبيرا من هذه الأمة، ولا نقدر أن نفهمهم، و نفهم شبهاتهم و شهواتهم.
و للمزيد من حديث التصوف موعد في الأجزاء القادمة من هذا الرد، أين سنناوشهم من زاويا أخرى لا يحتملها هذا المقال.
و الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجزائر، أرزيو في 2003 - 05 - 17
مختار الأخضر طيباوي
فهرس بموضوعات المقال
الموضوع: 2
تعريف الفناء: 3
القسم الأول من الفناء: 6
تعريف الاتحاد: 6
و هنا يجب ملاحظة الفرق بين الاتحاد و الحلول: 6
كيف بدأ ظهور هذا الكفر في المسلمين: 7
القسم الثاني من الفناء: 9
أين وقع الخلل في توحيد المتصوفة؟: 10
بيان سبب ادعاء الصوفية الاتحاد: 12
القسم الثالث من الفناء: 15
أسباب وقوع الصوفية في الاتحاد و الحلول: 15
تفصيل ظاهرة الفناء: 19
بيان العناصر الشيعية و المسيحية في التصوف الكشفي: 20
علاقة الفناء الصوفي بالفيض الفلسفي: 21
نقد مجمل لنظرية الفيض أو الصدور: 30
نظرية الفيض الإشراقي: 33
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[14 - 10 - 03, 04:15 ص]ـ
ممكن اعرف لماذا اقفل المشرف موضوعي الذي فتحته وهو اني اريد
أبحاث الشيخ طيباوي؟؟؟؟
لا ادري أنا أريد حلقات الرد على البوطي كاملة
فما ادري لماذا اغلق من قبل المشرف؟؟؟؟؟
لا ادري
ممكن تشرحولي؟؟؟؟؟
أخوكم حسام العقيدة
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[14 - 10 - 03, 05:23 ص]ـ
اخي الكريم للاخ الفاضل مختار طيباوي رد كامل على البوطي
وقد نشرت على النت وهده صفحة الشيخ مختار طيباوي و عن قريب ارسل لك بكل بحوثه ان شاء الله
وابلغ سلامي للاخ الفاضل راية التوحيد
والسلام عليكم
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[14 - 10 - 03, 10:43 ص]ـ
أخي جزاك الله خيرا انتظر الكتاب منك
أما راية التوحيد فلا اعرف احدا بهذا الإسم
ربما هناك تشابه اسماء؟؟؟
قد يكون
على العموم يشرفني ان نكون إخوة في الله
أخوكم حسام العقيدة
لكن ايضالماذا اقفل موضوعي
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[15 - 10 - 03, 01:40 ص]ـ
يبدو أن الملتقى سيفسد إن استمر بذكر العقائد الباطلة وتقريرها
يكفي أولي النهى رد ابن القيم رحمه الله على الحلوليين في كتابه الفريد مدارج السالكين
وكل خير في اتباع من سلف ........ وكل شر في ابتداع من خلف
والله أعلم