تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس أوضح من كلمة حساب، لكنها تخفي- خلف ظهورها- ما يخلب الألباب، مثل الشجرة التي تخفي الغابة .... أو مثل –وهذا التشبيه أبلغ من السابق-"فص الماس يعطيك كل ضلع منه شعاعا فإذا نظرت إلى أضلاعه جملة بهرتك بألوان الطيف كلها فلا تدري ماذا تأخذ عينك وماذا تدع.ولعلك لو وكلت النظر فيها إلى غيرك رأى منها أكثر مما رأيت". (حسب تعبير الشيخ عبد الله دراز)

إذن، هذه عجيبة قرآنية في كلمة ألماسية!!

"حساب" .......

جاءت في موقع من النظم اكتسبت معه قدرة على التعدد الدلالي على نحو معجز:

-فهي مسبوقة بفعل "يرزق" وزمن الفعل يحتمل أن يكون دالا على الدارين: في العاجل وفي الآجل.

-وهي مسبوقة ب "من"المجملة المحتملة الدلالة على الفريقين: المؤمنين و الكفار.

-وهي مسبوقة بالفعل والفاعل والمفعول.

-ثم هي نفسها تحتمل أن تكون مصدرا أو مصدرا مرادا به الفاعل أو مصدرا مرادا به المفعول.

-وهي من جهة أخرى تحتمل أن تكون بمعنى العد والإحصاء وبمعنى الظن والترقب وبمعنى

المحاسبة والمؤاخذة.

-وهي،أخيرا، من المرونة بحيث تقبل أن تنسجم مع جل الاحتمالات السابقة ..... فلا تدري ماذا تأخذ عينك وماذا تدع!!

وهذه نماذج-ليست للحصر-:

1 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}

أي: عطاء الله لا يدخل تحت عد أو حصر، فهو بغير حساب أي لا يتناهى،كما في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} (54) سورة ص. والأنسب هنا أن تكون "من" دالة على المؤمنين وأن يكون العطاء في الآخرة فالجنة خالدة وأهلها يرزقون فيها لا إلى نهاية.

فتكون الآية مشيرة إلى سعة ملك الله.

2 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

أي: لا يحسب ما يعطي لأنه لا يخاف نفادها عنده، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه، لأن المعطي إنما يحاسب ليعلم مقدار ما يعطي وما يبقي، فلا يتجاوز في عطاياه إلى ما يجحف به، والله لا يحتاج إلى الحساب، لأنه عالم غني لا نهاية لمقدوراته. (الرازي)

فتكون الآية مشيرة على الغنى المطلق.

3 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

أي: أن بعضها ثواب وبعضها تفضيل محض، فهو بغير حساب، (أبو حيان).

فتكون الآية مشيرة إلى كرم الله:يعطي مقابل الشيء عدلا ويزيد ما لا مقابل له تفضلا.

4 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

أي: يرزق من يشاء ولا يحاسب نفسه على كثرة ما أعطى لأنه كريم.

أو:

لا يحاسبه أحد على فعله ولا يوجد من يحاسبه لأنه هو العلي الأعلى {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ}.

فتكون الآية مشيرة إلى الربوبية المطلقة.

5 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

يعني أنه يعطي في الدنيا من يشاء من غير أن يكون ذلك منبئاً عن كون المعطي محقاً أو مبطلاً أو محسناً أو مسيئاً وذلك متعلق بمحض المشيئة، فقد وسع الدنيا على قارون، وضيقها على أيوب عليه السلام، فلا يجوز لكم أيها الكفار أن تستدلوا بحصول متاع الدنيا لكم وعدم حصولها لفقراء المسلمين على كونكم محقين وكونهم مبطلين، بل الكافر قد يوسع عليه زيادة في الاستدراج، والمؤمن قد يضيق عليه زيادة في الابتلاء والامتحان، ولهذا قال تعالى:

{وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ?لنَّاسُ أُمَّةً و?حِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِ?لرَّحْمَـ?نِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مّن فِضَّةٍ}

[الزخرف: 33] (الرازي)

فتكون الآية تقريرا لقاعدة الأرزاق في الدنيا وأن نظامها لا يجري على حسب ما عند المرزوق من استحقاق بعلمه أو عمله، بل تجري وفقا لمشيئته وحكمته سبحانه في الابتلاء وفي ذلك ما فيه من التسلية لفقراء المؤمنين ومن الهضم لنفوس المغرورين من المترفين. (دراز)

6 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

أي:طائفة من الموحدين الذين يدخلهم الله الجنة بدون حساب وهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب كما في الحديث الصحيح .... و (هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون).

7 - {والله يرزق من يشاء بغير حساب}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير