و الوجه الثاني و هو على قسمين الأول منها من فرط في طلب الحق و إيثاره فهذا آثم لتقصيره في طلب الحق لا يدخل في كلام شيخ الإسلام السابق قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وأما التفصيل، فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده من أن الرسول أخبر به وأمر به، وأما ما أخبر به الرسول ولم يبلغه أنه أخبر به، ولم يمكنه العلم بذلك، فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلًا، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام، ثم إن قال خلاف ذلك متأولًا كان مخطئًا يغفر له خطؤه، إذا لم يحصل منه تفريط ولا عدوان؛ ولهذا يجب على العلماء من الاعتقاد ما لا يجب على آحاد العامة، ويجب على من نشأ بدار علم وإيمان من ذلك ما لا يجب على من نشأ بدار جهل، وأما ما علم ثبوته بمجرد القياس العقلي دون الرسالة، فهذا لا يعاقب إن لم يعتقده.)
القسم الثاني من كان طالبا للحق مؤثرا له مجتهدا في طلبه إلا أنه لم يصل إليه فهذا يسمى مبتدعا و لكن لا يأثم و لا يعاقب و ذنبه مغفور لعدم تفريطه و تقصيره قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (و (فى الجملة (من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه).
و أما نقص إيمانه فهذا لا شك فيه و ليس من لوازم نقص الإيمان أن يكون آثما عاصيا بل قد ينقص الإيمان مع عدم الإثم فالإيمان ينقص بنقص العلم و نقص العمل فمن جهل بعض الشرائع لا بد و أن يكون إيمانه ناقص بالنسبة لمن علم هذه الشرائع و عمل بها ثم من علم بعض الشرائع و لم يقدر على العمل بها إيمانه أنقص ممن علم هذه الشرائع و عمل بها بل لو كانت هناك شرائع لا نلزم بعض الأشخاص و تلزم بعضهم فمن لزمته و عمل بها إيمانه أكمل ممن لم تلزمه كما في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري قال (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى، أو فطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل. قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم. قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها.) فجعل النبي صلى الله عليه و سلم النساء ناقصات دين بسبب عدم صلاتهن و صيامهن عند حلول الحيض مع انه هذا الأمر ليس تحت قدرتهن بل هو مما كتبه الله تعالى على بنات آدم بل هو مما حرم عليهن فيه الصلاة و الصيام و لكن لما كانت فعل الصلاة و الصيام يزيد الإيمان كان تركه حتى لو كان لعذر شرعي نقص في الإيمان فكان الرجال أكمل منهن إيمانا في هذا الباب.
هذا بالنسبة لنقل شيخ الإسلام الأول.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[18 - 03 - 04, 10:09 م]ـ
عفوا الأخ عبد الرحمن بن طلاع المخلاف:
أين ذكر شيخ الإسلام هذه المقولة:
(و (فى الجملة (من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه)
ثانيا:
لعل مقولة شيخ الإسلام الأولى التي حصل النقاش بسببها فيها سقط
لأنه قال رحمه الله: ثم إن لم يعلموا أن ذلك يخالف الرسول (ثم انقطع الكلام ولم يذكر جواب الشرط)
بل قال: ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين ........
وأيضا لم يتضح لي من تركيب الجملة إلا أن المراد: أنهم لو علموا أن القول يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقولا هذا القول وحينئذ لايكونون منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين.
وهذا عجيب كيف يعرضون عن قول بسبب مخالفته للرسول فيسبب ذلك نقصان الإيمان ويكونون به مبتدعين
وهذا إذا اعتبرنا (ما) نافية في قوله (لما قالوه)
أما إذا أعتبرناها موصولة فيكون المعنى: لو علموا أن قولهم يخالف الرسول لم يكونوا منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين وخطؤهم مغفور لهم لايعاقبون عليه وإن نقصوا به.
وهنا عجب آخر من نوع آخر إذ كيف يتخفف قولهم بسبب العلم بالمخالفة وحقه التغليظ والحالة هذه.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:01 م]ـ
الأخ الفاضل البخاري كلام الشيخ رحمه الله موجود في مقدمة في التفسير.
أما مراد الشيخ رحمه الله في قوله ( ... ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به).
أن هؤلاء المبتدعة لم يعلموا أن قولهم هذا مخالف للرسول صلى الله عليه و سلم لذا قالوه و لم علموا أنه مخالف للرسول صلى الله عليه و سلم لما قالوه.
ثم إنهم لو قالوه و هم يعلمون لكانوا منافقين فارتفع عنه حكم النفاق بسبب جهلهم بمخالفة قولهم لقول الرسول صلى الله عليه و سلم.
فقول الشيخ رحمه الله تعالى (ولو علموا لما قالوه) جملة اعتراضية و لو قرأت الموضع من دون هذه الكلمة لتجلى لك معنى كلام الشيخ و إليك كلام الشيخ من دون هذه الجملة الإعتراضية (( ... ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به).
فتجلى لنا أن مراد الشيخ هو أن من لم يعلم بمخالفة بدعته للرسول صلى الله عليه و سلم يكون مبتدعا لا منافقا فإن كان مجتهدا مستفرغا وسعه في ذلك فإن خطأه هذا مغفور و لا يعاقب عليه مع نقص إيمانه عن إيمان من عرف الحق في هذه المسألة و اتبع الرسول صلى الله عليه و سلم.
و الله اعلم.
¥