وقوله لموسى وهارون عليهما السلام "إنني معكما أسمع وأرى" والمراد من هذا أنه تعالى لا يخيب دعاء داع, ولا يشغله عنه شيء, بل هو سميع الدعاء, ففيه ترغيب فالدعاء, وأنه لا يضيع لديه تعالى.
(3) -سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " منهم بعلمي فأخبرهم بذلك " أجيب دعوة الداع إذا دعان " بإنالته ما سأل " فليستجيبوا لي " دعائي بالطاعة " وليؤمنوا " يداوموا على الإيمان " بي لعلهم يرشدون " يهتدون.
v قال ابن تيمية في قرب الله تعالى
"وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " الآية - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحته " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته، لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شئ في جميع نعوته، وهو عال في دنوه قريب في علوه". (1)
وقال ايضاً شيخ الإسلام في العقيدة الوسطيه
في قوله وهو معكم أينما كنتم
وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون كما جمع بين ذلك في قوله: " هو
الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ".
وليس معنى قوله: " وهو معكم " أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجهه اللغة، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان.
وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله - من أنه فوق العرش وأنه معنا - حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله (في السماء) أن السماء تظله أو تقله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد وسع كرسيه السموات والأرض وهو يمسك السموات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره
وقال أيضاً في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
معية الله بعلمه لا بذاته وهي عامة وخاصة
وأما قوله: " وهو معكم " فلفظ " مع " لا تقتضي في لغة العرب أن يكون أحد الشيئين مختلطا بالآخر، كقوله تعالى: " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، وقوله تعالى: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار "، وقوله تعالى: " والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم "، ولفظ " مع " جاءت في القرآن عامة وخاصة، فالعامة في هذه الآية وفي آية المجادلة: " ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم "، فافتتح الكلام بالعلم، وختمه بالعلم، ولهذا قال ابن عباس و الضحاك و سفيان الثوري و أحمد بن حنبل: هو معهم بعلمه. (2)
(1) نفس المصدرالسابق.