يعرف باللفظ ابتداء ولكن يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولاً أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه، وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع ... فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده بنفسه فإذا وجده أشير له إليه وعرف أن اسمه كذا .....
إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بياناً معان فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع إليه بإحساسه وشهوده أو بمعقوله (وإما أن لا يكون كذلك)، فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلاّ إلى معرفة اللغة، بأن يكون عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب فإذا قيل له بعد ذلك (ألم نجعل له عينين* ولساناً وشفتين) .. ونحو ذلك فهم المخاطب بما أدركه بحسه، (وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل) ........ وكذلك لمّا أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك (حتى يكون لها ألفاظ تدل عليها بعينها أخذ من اللغة الألفاظ المناسة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها) ....... كما أخبرهم **يعني النبي صلى الله عليه وسلم –وما بين النجوم مني**عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر فلابد أن يعلموا معنى مشتركاً وشبهاً بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ألفاظ ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم ...... فينبغي أن تُعرف هذه الدرجات:
أولاها: إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة.
وثانيها: عقله لمعانيها الكلية.
وثالثها: تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية
فهذه المراتب الثلاث لابد منها في كل خطاب. فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلابد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق .... (وإن لم يكن مثلها بين ذلك بذكر الفارق بأن يقال ليس ذلك مثل هذا ونحو ذلك، (وإذا تقدر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق) (وانتفاء التساوي لايمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط .. " هذا ما ذكره ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية 1/ 66 - 68 ط الرسالة.
فالمعنى الذي نثبته ونعقله هو المشترك الكلي، وما أضيف إليه من صفات إثبات تليق بمن أضيفت إليه مع نفينا الفارق إذا كان ثمت فارق يلزم منه أمر باطل.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[02 - 12 - 03, 08:12 م]ـ
1 - ما دليل القاعدة؟
2 - ما معنى يد الله سبحانه وتعالى؟
3 - من قال بذلك من أئمة السلف؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 12 - 03, 06:06 ص]ـ
أخي الأسيف:
أجبتك عن المعنى في ردي السابق ولكن يبدو أنك لم تنتبه له فتأمله.
ملاحظة قال ابن منظور: "اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليه على مذهب سيبويه يَدَوِيٌّ، والأَخفش يخالفه فيقول: يَدِيٌّ كَنَديَ، والجمع أَيْدٍ، على ما يغلب في جمع فَعْلٍ في أَدْنى العَدَد. الجوهريّ: اليَدُ أَصلها يَدْيٌ على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ و يُدِيٌّ، وهذا جمع فَعْلٍ مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ، وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ ... "
وبعض اللغويين يقول: الجارحة المعروفة أو العضو ونحو ذلك، وهذا (أعني جارحة أو عضو) وصف زائد عن أصل المعنى يثبت في حق يد بعض المخلوقات وقد شاع فذكروه، وإطلاقه في حق الباري لايجوز إذ لم يثبت أما معناه فيخضع لقاعدة أهل السنة والجماعة في الألفاظ المجملة وقد قررها شيخ الإسلام في غير موضع، خاصة وأنهم يطلقونها وقد يريدون بها معان مختلفة.
كما أن لليد إطلاقات أخرى معروفة منشورة في بطون كتب اللغة وغيرها.
========================================
أما القاعدة التي ذكرها أبوالمنهال الأبيضي -حفظه الله- فقد قررها شيخ الإسلام في غير موضع، وإن كنت تسأل عمن سبق شيخ الإسلام في ذلك فهو ظاهر استدلالات كثير من مثبة الصفات، ولايحضرني ((نص)) مقارب الآن قبل زمن شيخ الإسلام ابن تيمية غير ما ذكره ابن خزيمة في كتاب التوحيد وقد ناقش به الجهمية كثيراً ولبعدي عن مكتبتي لاتتيسر لي مراجعته فراجعه تجده بإذن الله.
¥