تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل إن كثيرًا من مفكريهم وأُدبائهم وعلمائهم المعاصرين يعترفون أَن الأَناجيل الموجودة ليست سوى مجموعة كتب كتبت في أَوقات متباعدة عن بعضها فقد جاء في دائرة المعارف البريطانية في المجلد الخامس صحيفة 636 طبعة 1953 ما نصه: -لم يبق من أَعمال السيد المسيح شيء ولا كلمة واحدة مكتوبة- وقال اللورد هدلي في أَحد كتبه: - ليس الإنجيل إلا مجموعة كتب كتبت في أَوقات متباعدة عن بعضها-. وقال الأستاذ ولز: إن السيد المسيح هو راضع نواة المسيحية وليس بمنشئها. وقال أيضًا: إن بعض الكتاب يرى أَن السيد المسيح لا تربطه بالمسيحية الحاضرة أَية صلة.

ولعل من أَبرز الدلائل على التحريف والتغيير والتبديل ما يزعمه النصارى من أَن عيسى ابن الله ورسوله – ففضلاً عما لدينا من كتاب الله وسنة رسوله من النصوص الواضحة في أَنه عبد الله ورسوله وكلمته أَلقاها إلى مريم وروح منه- فقد جاء في دائرة المعارف البريطانية المجلد الخامس منها ما نصه: -إن سيدنا عيسى عليه السلام- لم تصدر عنه أَي دعوى تفيد أَنه من عنصر إلهي أَو من عنصر أَعلى من العنصر الإنساني المشترك- كما أَنه جاء فيها أَن كثيرًا من المراسيم والطقوس الكنيسية المعمول بها الآن لم يمارسها سيدنا عيسى نفسه ولم يأْمر بها.

وقد يكون من المناسب أَن نذكر خلاصة أَقوال استشهد بها الأستاذ أَحمد علوش في كتابه (( The Religion of Islam)) لعلماء مسيحيين غيورين على المسيحية. أَحد هذه الأقوال: أَن الأَناجيل الأَربعة الموجودة الآن سبقتها محاولات عديدة وقد كان قبل هذه الأَربعة عدة أَناجيل. القول الثاني: أَن نسبة الأَناجيل الأَربعة الموجودة الآن إلى كاتبيها المعنيين نسبة مشكوك فيها ولم تثبت صحتها حتى الآن وما زالت مصدر أَخذ ورد.

الثالث: هذه الأَناجيل الأَربعة أُلفت تأْليفًا ولم تصدر عن وحي.

الرابع: يختلف إنجيل يوحنا عن الأَناجيل الثلاثة الأخرى اختلافًا شديدًا واضحًا.

الخامس: الأَناجيل الثلاثة الأخرى تختلف فيما بينها اختلافًا واضحًا كبيرًا. وان كان الاختلاف فيما بينها أَقل بالنسبة إلى إنجيل يوحنا.


أَما ما ذكره الأخ شمس الدين أَحمد من أَن من ناقشوه من رجال الدين المسيحي تعرضوا للقرآن. فلم يذكر لنا الطريقة التي تعرضوه بها حتى يكون ردنا عليهم متجهًا نحوها. ولعله وفقه الله يذكر لنا الشبه التي ذكروها له لأَن مجرد قولهم بأَن القرآن لم يسلم من التحريف يكفي في الرد عليهم به أَنهم كذابون وأَن الله تعالى تولى حفظه عن التغيير والتبديل والتحريف. قال تعالى وهو أَصدق القائلين: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (8).وقال تعالى: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ - لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (9).
فلقد نقل القرآن إلينا بالنقل المتواتر بإجماع الأمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأَلفاظه ومعانيه. كما أَن كثيرًا من المسلمين سلفهم وخلفهم يحفظون القرآن في صدورهم حفظًا يستغنون به عن القراءة في المصاحف مصداقًا لما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قال: ((إِنَّ رَبي قَالَ لِيْ إِني مُنَزِّل عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَأُهُ نَائِمًا ويَقْظَانًا)).
فلو غسل بالماء من المصاحف لم يغسل من القلوب، ولو أُخفيت بعض قراطيسه كما هي الحال في التوراة والإنجيل وغيرهما لما خفي الأَمر على المسلمين فضلاً عن حفَّاظهم.
بل إن من كمال الحق ما شهد به الأَعداء فلقد قال ((السير وليم موير)) وهو أَحد خصوم الإسلام حسبما حكاه عنه الدكتور حسنين هيكل في كتابه (حياة محمد) (10): ومع ما أَدى إليه مقتل عثمان نفسه من قيام شيع متعصبة ثائرة زعزعت ولا تزال تزعزع وحدة العالم الإسلامي فإن قرآنًا واحدًا قد ظل دائمًا قرآنها جميعًا، وهذا الإسلام منها جميعًا إلى كتاب واحد على اختلاف العصور حجة قاطعة على أَن ما أَمامنا اليوم إنما هو النص الذي جمع بأَمر الخليفة السيء الحظ (11) والأَرجح أَن العالم كله ليس فيه كتاب غير القرآن ظل اثني عشر قرنًا كاملاً بنص هذا مبلغ صفائه ودقته.
وقال في موضع آخر (12): والنتيجة التي نستطيع الاطمئنان إلى ذكرها هي أَن مصحف زيد وعثمان لم يكن دقيقًا فحسب بل كان كما تدل عليه الوقائل كاملاً وانَّ جامعيه لم يتعمدوا إغفال أَي شيء من الوحي، ونستطيع كذلك أَن نؤيد إستنادًا إلى أَقوى الأَدلة أَن كل آية من القرآن دقيقة في ضبطها كما تلاها محمد.
وقال هيكل بعد ذلك (13): أَطلنا في اقتطاف عبارات ((سير وليم موير)) على أَن ما اقتطفناه يغنينا عن ذكر ما كتبه (الأَب لامنسي)) و ((فون هامر)) ومن يرون هذا الرأي من المستشرقين هؤلاء جميعًا يقطعون بدقة القرآن الذي نتلوه اليوم بأَنه يحتوي على كل ما تلاه محمد على أًَنه الوحي الذي تلقاه من ربه صادقًا كاملاً. فإذا ذهبت بعد ذلك قلة من المستشرقين غير مذهبهم غير آبهين بالأَدلة العلمية التي ساقها ((موير)) وكثرة المستشرقين كان ذلك تجنيًا على الإسلام لم يمله غير الحقد على الإسلام، وعلى صاحب الرسالة الإسلامية. اهـ.
وقال ((اربثنت)): ولقد ظل القرآن كما هو حتى اليوم بدون أَي تحريف أو تبديل لا من المتحمسين له ولا من ناقليه إلى لغات أُخرى ولا ممن يتربصون به الدوائر وهو موقف لم يقفه مع الأَسف أَي كتاب من كتب العهدين القديم والحديث معًا.
وقال (لوزتنا بوز) كذلك: فلم تكن هناك أَي فرصة لتبديل أَي جزء في القرآن أَو تحويره ولو بوازع الحماس له، وهو الكتاب الوحيد الذي ينفرد بهذه الميزة بين سائر الكتب التي جاءت بها الديانات القديمة العظمى.
هذا ما تيسر لنا إيراده، وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
(ص-ف-2852 - 1 في 13 - 7 - 87هـ) مفتي الديار السعودية
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير