تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 رواه الشيخان و الإمام أحمد.

2 أخرجه البخاري ومسلم، عن أبي موسى.

3 اخرجه الترمذى واحمد، صحيح الترمذى 3435

ونظير هذا في الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: (مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة. مع أن سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار: ((لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)). يقتضى أنه مسجد قباء. فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: (ماهذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ فقالوا: لأننا نستنجي بالماء).1 لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسساً على التقوى من مسجد قباء، وإن كان كل منهما مؤسساً على التقوى، وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يأتي قباء كل سبت راكباً وماشياً، فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة، ثم يقوم بقباء يوم السبت 2، وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى.

ولما بين سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيرا، دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصاً به، وهم: علي، وفاطمة، رضي الله عنهما، وسيدا شباب أهل الجنة، جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير، وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فكان في ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله ليسبغها عليهم، ورحمة من الله وفضل لم يبلغوهما بمجرد حولهم وقوتهم، إذ لو كان كذلك لاستغنوا بهما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، كما يظن من يظن أنه استغنى في هدايته وطاعته عن إعانة الله تعالى له، وهدايته إياه.

وقد ثبت أيضاً بالنقل الصحيح: أن هذه الآيات لما نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وخيرهن كما أمره الله، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ولذلك أقرهن، ولم يطلقهن، حتى مات عنهن 3، ولو أردن الحياة الدنيا وزينتها لكان يمتعهن ويسرحهن كما أمره الله سبحانه وتعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم أخشى الأمة لربه وأعلمهم بحدوده.

ولأجل ما دلت عليه هذه الآيات من مضاعفة للأجور والوزر بلغنا عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين وقرة عين الإسلام أنه قال: (إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين).

1 اخرجه احمد وابن ماجه. صحيح ابن ماجه 1/ 62

2 رواه الشيخان

3 رواه الشيخان

وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى (خم) بين مكة والمدينة فقال: (وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي). قيل لزيد بن أرقم: ومن أهل بيته؟ قال: الذين حرموا الصدقة: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس. قيل لزيد: أكل هؤلاء أهل بيته؟ قال: نعم) 1.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح أن الله لماأنزل عليه: ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً)). سأل الصحابة: كيف يصلون عليه؟ فقال: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) 2. وفي حديث صحيح: (اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته).

مالهم وما عليهم:

وثبت عنه أن ابنه الحسن لما تناول تمرة من تمر الصدقة قال له: (كخ، كخ، أما علمت أنا آل البيت لا تحل لنا الصدقة) وقال: (إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) 4 وهذا والله أعلم من التطهير الذي شرعه الله لهم، فإن الصدقة أوساخ الناس، فطهرهم الله من الأوساخ، وعوضهم بما يقيتهم من خمس الغنائم، ومن الفيء الذي جعل منه رزق محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وغيره: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد اللله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم) 5.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير