((ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون)).
وقد جعل قوام الأمر بالإخلاص لله، والعدل في الأمور كلها، كما قال تعالى:
((قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون. فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة)).
ولقد خلص النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد من دقيق الشرك وجليله، حتى قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) 1 رواه الترمذي وصححه.
وقال: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) 2. وهذا مشهور في الصحاح.
وقال: (ولا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد) 3.
وقال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: (أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده) 4.
وروي عنه أنه قال: (الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل) 5.
وروي عنه أن الرياء شرك 6.
وقال تعالى:
((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)).
وعلّم بعض أصحابه أن يقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم).
ومن هذا الباب الذين يسألون الصدقة أو يعطونها لغير الله، مثل من يقول: لأجل فلان، إما بعض الصحابة، أو بعض أهل البيت، حتى يتخذ السؤال بذلك ذريعة إلى أكل أموال الناس بالباطل، ويصير قوم ممن ينتسب إلى السنة يعطي الآخرين، والشيطان قد استحوذ على الجميع، فإن الصدقة وسائر العبادات لا يشرع أن تفعل إلا لله، كما قال تعالى:
((وسيجنبها الأتقى. الذي يؤتي ماله يتزكى. وما لأحد عنده من نعمة تجزى. إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى. ولسوف يرضى)).
وقال تعالى:
((وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون)).
وقال: ((مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة
1 أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي و أحمد، صحيح صحيح الجامع 6080.
2 أخرجه أحمد والترمذي، صحيح صحيح الجامع 1919.
3 أخرجه الدارمي وابن ماجة و أحمد، صحيح الصحيحة 1/ 264.
4 أخرجه الإمام أحمد، حسن الصحيحة 1/ 266.
5 أخرجه الإمام أحمد، صحيح صحيح الجامع 3624. .
6 أخرجه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد، صحيح صحيح الترغيب 1/ 120.
أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل)).
وقال:
((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا)).
وقال تعالى كلمة جامعة:
((وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة. وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)).
وعبادته تجمع الصلاة وما يدخل فيها من الدعاء والذكر، وتجمع الصدقة والزكاة بجميع الأنواع، من الطعام واللباس والنقد وغير ذلك.
والله يجعلنا وسائر اخواننا المؤمنين مخلصين له الدين، نعبده ولا نشرك به شيئا، معتصمين بحبله، متمسكين بكتابه، متعلمين لما أنزل من الكتاب والحكمة، ويصرف عنا شياطين الجن و الإنس، ويعيذنا أن تفرق بنا عن سبيله، ويهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا