إذا قلت نعم: كل أولئك حمقى والدليل (!!) هو قول الإمام الشافعي، يقال لك فقد قال الإمام الشافعي أيضاً: "ما رأيت سميناً عاقلاً إلاّ محمد بن الحسن"، وفي رواية ما رأينا سمينا عاقلاً إلا رجلا واحداً، وهذا مسند عنه.
فهل تحتج بهذا وتعده دليلاً على أن كل سمين أحمق؟ كما استدللت بقوله على أن كل صوفي ساذج أو أبله أو أحمق؟
أم تحمله على واقع معين أو طائفة مخصوصة عناها الإمام؟
أما قولك عفا الله عنك: " فللإنصاف أقول: إنّ ردَّ الأخ حارث لهذه النصوص غير مقبول من الناحية العلمية ... " فلا أنتصر لنفسي فيه غير أنه ينبغي التنبيه على أن شيخ الإسلام لايثبت عن الشافعي قوله في التغبير فقط بل يثبت عنه نحو ما نقلتم، أيضاً.
وما نازعت الأخ فيه هو دلالته على مراده، فإن كنت تستدل به على مراده فأبن الآن وجه الشاهد منه على مراد الأخ حنبل وفقا للمنهج العلمي الرصين الذي يتضمن جواب السؤالات الآنفة.
========================ما نسب إلى الإمام مالك====================
قلتم: "وأمّا القصّة التي ذَكَرها القاضي عياض في كتابه" ترتيب المدارك " والتي فيها استنكار الإمام مالك لأفعال شيوخ الصوفيّة الذين أُخبِرَ عنهم، فهي قصّة ثابتة عن الإمام مالك بدون أدنى شك". هكذا بكل هذا الجزم.
وهذا زعم قد سمعناه آنفاً، غير أنكم ههنا –وفقكم الله- احتججتم على صحته وثبوته بأمرين:
الأول: كثير من علماء المالكية ذكره واستند على فتاويه به، ثم من هم هؤلاء الكثير؟ ذكر تم اثنين أحدهما هو عبدالرحمن بن زيد الوغليسي (ت:786)! والآخر الإمام الشاطبي معاصر له، فهلا ذكرت عشراً أو عشرين من فقهاء المالكية الذين ملأوا الآفاق لتثبت هذا الكثير ... لعله سبق قلم غفر الله لك!
وتعلم أخي الكريم أنه بإمكان أي طالب علم أن يأتيك بقصص وأخبار لاتثبت عن الأئمة، معارضة لنقلك هذا، تكرر نقلها في غير كتاب من كتب الفقه بل ما أكثر ذلك في كتب الفقه، فضلاً عن التراجم والتواريخ، بل ما أكثره حتى في كتب الاعتقاد وليس ذلك دليل على صحة النسبة، ويأتي بيانه مفصلاً.
أما الحجة الثانية في زعم ثبوت النقل عن الإمام مالك فهي قولكم:
"ينبغي على طلاّب العلم، بل ويجب، أن يتنبّهوا لأمرٍ هام، وهو أنّ البحث عن إسنادٍ متّصل برواية الثقات التَّامِّي الضبط غير المعلل ولا الشاذ، إنما هو خاصّ بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولايمكن سحبه على كلام غيره ... "
سبحان الله! رحمك الله انظر ما تقول. لو كان غيرك قالها!
ما الفرق بيننا وبين الرافضة إذاً!
الله عزوجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وحاصل قولكم هنا لا حاجة للتثبت من كلام غير الرسول، بل نأخذ الناس بالقيل والقال! أفبقول الله نأخذ أم بقولكم؟
أتراه منهجاً صواباً الحكم على الناس بالبدعة لأقوال ليس لها خطام أو زمام أهذا هو التحقيق الذي ينبغي أن يعلمه طالب العلم بل يجب!
أذكرك غفر الله لك بأن الحكم على الأشخاص بزندقة أو كفر أو بدعة أو فسق أو معصية، حكم شرعي لايقال بغير دليل، ولايقبل من كل دعي، (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
وهذا غير نسبتك قولاً لإمام تستأنس -لا تحتج- به و لاتبني عليه حكماً.
فأما إذا جاء الكلام عن الأحكام الشرعية المرتبة على ذلك القول فهنا تسأل عن الإسناد وهنا تسئل عن الدليل.
وكم رأيت إماماً محققاً يذكر له قول عن إمام فتراه يقول هذا لايثبت عن مالك، أو لايثبت عن أحمد، أو لايثبت عن الشافعي .... إلخ.
ألا ترى أن قولك هذا يفتح لأهل البدع الباب على مصراعيه ويجرؤهم عليك، فكيف ترد على من نقل لك القصص المنكرة عن الأئمة –وما أكثرها- إما استدلالاً بها على توسلهم بالصالحين، أو تبركهم بآثار المرضيين، أو نسبتهم إلى أقاويل لا دليل عليها ولا تعويل إذا كنت ترى أن ما قيل وحكي يقبل لمجرد تناقله في كتب الفقه أو التراجم وتكراره الذي يدل على اشتهاره –فيما أفهم- عندكم! وأمثلة هذا بالعشرات ولا أخالها تخفاك.
¥