ولم يكن غرضي نقل ترجمة الجُنيد وما قيل فيه، بل الذي قلتُه أنّ هناك فرقٌ بين البداية التي بدأها الذهبي عند ترجمته للجنيد المحدّث القايني، حيثُ قال:
" الإمام القدوة المحدث أبو القاسم القايني .... "
وبين البداية التي بدأها في ترجمة الجُنيد الصوفي النهاوندي، حيثُ قال:
" الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغدادي القواريري، والده الخزّاز هو شيخ الصوفيّة، وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي وصحبه ... إلخ
أليسَ الفرق واضحاً، هذا الذي أردتُ بيانه (غفر الله لي). وقد ذكرتُ أن الذهبي ذَكَرَ بعض ما قيل فيه من الثناء، ولم أقل إنّه طعن فيه، ولكنني قلتُ إنّه لم يصفه بالإمام القدوة والمحدّث كما فعل مع الجنيد القايني. وهذا واضح في الترجمة. فلماذا يغمز بي الأخ حارث ويأثّمني ثمّ يستغفر لي؟؟؟!!!
وأمّا ثانياً ـ فأنا لم أنقل فتوى الإمام الشاطبي لأستدلّ بها في إنكار مالك على صوفيّة عصره!
كما يتوهّم الأخ حارث ثمّ يتَقوَّل علي!!
بل نقلتها لأُبيّن له أنّ الشاطبي ذكرها عن عياض عن التنيسي!!!!
وهذا هو الغرض الوحيد من نقل الفتوى، وهذا كان موضوع حديثي، وهذا واضح لكل ذي نظر فكيف إذا كان النّاظر من أهل الإنصاف والورع والنقد والتمحيص!!؟؟
ثمّ يتابع الأخ حارث اتّهاماته الباطلة لي فيقول: " ولا أدري لماذا تغافلتم عما نقله قبيل قول مالك من كلام الحارث المحاسبي "انتهىوإنني لأعجبُ حقاً من قوله هذا و تخرّصه عليّ!!!
يا أخي من قال لك أنني أتغافل أو تغافلت؟؟ لماذا تُهلكُ نفسك بالوقيعة بي من دون بيّنة أو أثارة من بيّنة؟
إنّ فتوى الإمام الشاطبي قدرها ثلاث صفحات وأنا لم أنقل منها سوى أربعة أسطر مكان الشاهد فحسب. ولم أتعرّض لموضوع السماع والغناء أبداً ولم يكن ذلك موضوع مشاركتي، وهذا واضح في كلامي لكل متأمّل. ومع ذلك لم يكتفِ الأخ حارث بكل اتهاماته تلك حتى ختمها بقوله غامزاً: " ألأن هذا يثبت سلامة أئمة ذلك الصدر من تلك البدعة؟ أرجو أن لايكون كذلك! " انتهى
وأقول:سبحان الله! هل يُعقل أنّ الورع والإنصاف والعدل التي يُنادي بها الأخ حارث هي التي دفعته لهذا الكلام والجرح؟؟
وأعود فأذكّر الأخ حارث بأنني لم أتعرّض لموضوع السماع في مشاركتي، ومِنْ ثَمَّ فأنا لم أنسب للصوفيّة الأوائل أي شيء بهذا الخصوص ولم أكتم شيئاً مما قالوه، لأنني أصلاً لم أتعرّض لهذا الموضوع. أرجو أن يكون هذا واضحاً عندك.
ولأُبيّنَ لك سوء ظنّك بي، فإنني منذ مدّة قريبة جداً نشرتُ في موقع أهل الحديث رسالةً لي جمعتُ فيها أقوال وفتاوى العلماء من المذاهب الأربعة ومن ضمنها فتوى الشاطبي كاملةً، وأضفتُ في آخر الرسالة مذهب الصوفيّة وأثبتُ فيه سبعة نقول عن أئمّة الصوفيّة في النهي عن السماع وذمّه، وجاء ذكر مقولة المحاسبي في أكثر من موضع من الرسالة، ولم أتغافل عن ذكر أي مقولة للصوفيّة في ذمّ السماع، فما قولك؟ وكذلك كنتُ قد كتبتُ رسالة في مسألة زيارة قبور الأولياء وتعظيمها، وتعمّدتُ أن آتي فيها بنصوص وفتاوى شيوخ الصوفيّة الذين أنكروا ما يفعله صوفيّة عصرنا عند القبور لأُبيّن للناس أنّه حتى شيوخ الصوفيّة الذين تدّعي الصوفيّة الاقتداء بهم برآءُ مما يفعله هؤلاء الجهلة! هذا هو منهجي ولي عدّة رسائل أدافع فيها عن بعض رجال الصوفيّة الذين يُتّهمون بغير حق! وإن شئتَ أرسلتُ لك تلك الرسائل.
وأمّا ثالثاً ـ فأنا عندما أوردتُ كلام الإمام الشافعي كان غرضي أن أُبيّن لك أنه ورد عن الأئمّة الكبار أمثال الشافعي كلامٌ مسندٌ وصحيح الإسناد فيه ذمٌ مطلقٌ للصوفيّة، مثل ما روى البيهقي في مناقب الشافعي 2/ 208: عن يونس بن عبد الله الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول:
" لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمقَ "
وعلّقتُ عليها قائلاً " أليست هذه النصوص واضحة ودالّة على أنّ مراد الشافعي هو ذم طائفة الصوفيّة جميعها؟ وأنه إذا كان هناك ثَمَّ استثناءٌ فإنه يستثنيه كما في قوله: ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم الخوَّاص!!
¥