3ـ وقال: "والمقصود هنا أن المشايخ المعروفين الذين جمع الشيخ أبو عبد الرحمن أسماءهم في كتاب طبقات الصوفية، وجمع أخبارهم وأقوالهم، دع من قبلهم من أئمة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين جمع أبو عبد الرحمن وغيره كلامهم في كتب معروفة، وهم الذين يتضمن أخبارهم كتاب الزهد للإمام أحمد وغيره، لم يكونوا على مذهب الكلابية الأشعرية، إذ لو كانت كذلك لما كان أبو عبدالرحمن يلعن الكلابية". [قال حارث الهمام: ولم يذكر الأشعرية لأنه لم يدرك أوان انتشارهم أشار إليه شيخ الإسلام في موضع آخر]. انتهى
فالمشكلة أنّ أبا عبد الرحمن السلمي عند أهل الحديث غير ثقة وتُهْمَتُه أنّه يضع الأحاديث للصوفيّة. ووصفَ الذهبي كتابَه حقائق التفسير بأنّه قرمطةٌ، وقال ابن الصلاح إن كان يعتقد أنّ ذلك تفسير فقد كفر.وما يُذكر من ثناءٍ على بعض أقطاب التصوف في كتب التراجم ككتاب السير للذهبي فمنه الكثير مرويٌّ عن السُلمي، كما في ترجمة السري السّقطي وغيره!!
فكيف يسوغ للأخ حارث وكيف يرضى لنفسه؛ وهو الذي يهجم على الآخرين لأجل قصّة لا ينبني عليها كبير أمرٍ لأجل انقطاع في سندها؛ أن يورد أمثال هذه الروايات مستدلاً بها بكل ثقة ويطلب منا أن نخضع لأقواله المبنيّة على هذه الروايات الباطلة!!
فإذا قال: إنني لا أعتمد جرح السلمي وهو عندي مقبول. قلنا له هذه ليست طريقة أهل الحديث والأسانيد. وعلى كلّ حال فلا بأس إذا كنتَ ترى صحّة الاستدلال بروايات السلمي فعليك أن تسلّم وترضى بما قال: أخبرنا محمد بن عبد الباقي نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر، وكان يذهب مذهب مالك، وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علماً لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة.
قال السلمي وأُخرِجَ أبو سليمان الداراني من دمشق وقالوا إنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه وشهد قومٌ على أحمد بن أبي الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة. وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول لي معراج كما كان للنبي "صلى الله عليه وسلم " معراج فأخرجوه من بسطام وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام قال السلمي وحكى رجل عن سهل بن عبد الله التستري أنه يقول إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وإنه يتكلم عليهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها.
قال السلمي وتكلم الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجره أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات. انتهى تلبيس إبليس صـ 187فهل سيسلّم الأخ حارث بهذه الروايات وهناك أشد منها، أم أنّه سيرفضها، فيكون متناقضاً مع نفسه وأمام الناس.
إذاً الروايات السابقة التي رواها ابن تيميّة وساقها الأخ حارث همام مستدلاً بها ومنتصراً لها وبها!! غير صحيحة ولا يعوّل عليها أبداً، وخاصّة إذا كان الناقل لها متمسّك بالأسانيد الصحيحة المتّصلة! ومع ذلك فهو يعدُّ نفسه صاحب المنهج الصحيح المتثبّت المسلسل بالأسانيد.
وأمّا أنا فيقول لي:
" واعلم أخي الكريم أنكم في هذا الكلام:
1 - خرقتم الإجماع المنعقد على خلافه، فقد قال سائر أهل العلم وجماعة أصحاب الحديث في كل الأمصار أن الإنقطاع في الخبر علة في إيجاب العمل به، سواء عارضه خبر متصل أو لا نقل هذا الإجماع غير واحد منهم ابن عبدالبر ومنهم ابن القطان تجده في الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 67)."
يقول لي هذا الكلام فقط لأنني قلت إنّه يجب علينا ألا نعالج كل ما يصادفنا من أخبار في السير والتواريخ والأشعار والأدب وأخبار الصحابة والأئمّة بنفس الطريقة التي يُعالج بها الحديث النّبوي الشريف. لأنّ علم الحديث والجرح والتعديل إنّما وُضعا وتوخيَ فيهما شدّة التوثّق لأنّ الأمر يتعلّق بكلام نبي الإسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فقد فرّق العلماء في معالجة الأسانيد ورجالها بين الحديث والقرآن.
¥