· والعجيب من الأخ حارث كيف يتعامل مع الأمور؟! ففي حين أنّه يُطالب بالأسانيد واتّصالها وصحّتها وسلامة رجالها، نجده يرضى بما يسوقه له شيخ الإسلام من منامات ومكاشفات القلوب ومعرفة لما في الصدور وأمثال ذلك، والتي أقل ما يُقال فيها أنّه لا يبني عليها أي حكم شرعي أو حتى علمي، فضلاً عن أن تكون حجّة دامغة أو مرجّحة!!
فانظر إلى ما ساقه الأخ حارث كدليل يريد أن يحسم به الأمور ويُسكت به الآخرين.
قال: " وكذلك نقل الشيخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردى، وحدثنيه عنه الشيخ عز الدين عبد الله بن أحمد بن عمر الفاروثي، أنه سمع هذه الحكاية منه، ووجدتُها معلقة بخط الشيخ موفق الدين أبي محمد بن قدامة المقدسي، قال السهروردي: كنت عزمت على أن أقرأ شيئا من علم الكلام وأنا متردد هل أقرأ الإرشاد لإمام الحرمين، أو نهاية الإقدام للشهرستاني، أو كتاب شيخه، فذهبت مع خالي أبي النجيب وكان يصلى بجنب الشيخ عبد القادر (يعني الجيلاني)، قال فالتفت الشيخ عبدالقادر وقال لي يا عمر! ما هو من زاد القبر ما هو من زاد القبر! فرجعت عن ذلك. فأخبر أن الشيخ كاشفه بما كان في قلبه، ونهاه عن الكلام الذي كان ينسب إليه القشيرى ونحوه" انتهى
وليس ذلك فحسب بل يرضى بقصص وحكايات فيها تكفيرٌ لمئات من الأئمّة والعلماء على طول الدهر، أو قصص فيها نفي وجود أولياء لله في مدن كاملة. قال حارث: " وحدثني أيضا الشيخ محمد بن أبي بكر بن قوام، أنه سمع جده الشيخ أبا بكر بن قوام يقول: إذا بلغك عن أهل المكان الفلاني -سماه لي الشيخ محمد- إذا بلغك أن فيهم رجلاً مؤمناً، أو رجلاً صالحاً فصدق، وإذا بلغك أن فيهم ولياً لله فلا تصدق!
فقلت: ولم يا سيدي؟
قال: لأنهم أشعرية.
ويُعلّق الأخ حارث على هذه الحكايات قائلاً:
" أفلا يحسن أن يستفاد من مثل هذا في الدعوة عوضاً عن الخوض فيما لايجدي؟! انتهى
وأقول: فإن تعجب فعجبٌ قولهم، يا أخي حارث ما هو المجدي من هذه القصص؟ قلنا لك إنّ الأئمّة الكبار ذموا الصوفيّة فلم ترضَ! وقلنا لك إنّ عند بعض أوائل الصوفيّة ابتداع فثارت ثائرتك! ورفعتَ راية الذبّ عن أعراضهم، فقلنا طيّب لأن يُخطئ المرءُ في حُسن الظن خيرٌ له من أن يُخطئ في سوء الظن، ولكنّ المفاجأة كانت عندما نجد الأخ حارث يرضى بقصصٍ عن أشخاصٍ ليسوا في رتبة الأئمّة ولا يُقاربوها؛ وفيها الطعن والتكفير بالجملة وبإطلاق!!
قال حارث:" ثم قال: "وقال شيخ الإسلام الأنصاري: سمعت أحمد بن حمزة، وأبا علي الحداد يقولان: وجدنا أبا العباس أحمد بن محمد النهاوندي، على الإنكار على أهل الكلام، وتكفير الأشعرية، وذكرا عظم شأنه في الإنكار على أبي الفوارس القرمسيني، وهجر ابنه إياه لحرف واحد.
قال شيخ الإسلام سمعت أحمد بن حمزة يقول: لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس، سألوا أبا عبد الله الدينوري فقال لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي. انتهى
أهذا ما يرضيك؟ أهذه القصص عندك أولى من كلام الأئمة؟ أهذه هي الأسانيد التي تنادي بها؟
- وعندما يمرّ الأخ حارث على قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقال:"وكان الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة". يعلّق عليه بكل ثقة وعزم: "فهل تراه يترضى على مبتدع؟
- يا أخ حارث إنّ ابن تيميّة يصرّح بأنّ الهروي (صاحب منازل السائرين) له كلام فيه شيء من الحلول كما أنّه يحكي عنه مسائل خطيرة في الاعتقاد، وطبعاً لا يوافقه عليها أبداً بل يعُدّها من أخطر بدع العقائد؛ ويقول عنه إنّه يوافق جهماً، ومع ذلك يقول عنه ويصفه كلّما ذَكَرَه بشيخ الإسلام الهروي!!
كما في الفتاوى كتاب الإيمان الكبير: " وكذلك قال شيخ الإسلام الهروي: الإيمان تصديق كله ". انتهى
وإليك كلام شيخ الإسلام الذي جاء في الفتاوى ج14صـ 352، 358
" ... والمقصود هنا أن جهماً اشتهر عنه نوعان من البدعة: أحدهما: نفي الصفات. والثاني: الغلو في القدر والإرجاء. فجعل الإيمان مجرد معرفة القلب، وجعل العباد لا فعل لهم و لا قدرة. .... ...........................
¥