ماذا تقول لجاهل متصوف تبع منهجك فقال لك قال الشافعي: "حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف" [كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني 2/ 73].
وكذلك من يقول لك قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق" [حاشية العدوي على شرح الزرقاني على متن العزية 3/ 195. وشرح عين العلم وزين الحلم لملا علي القاري 1/ 33]. بل قد يزعم لك اشتهاره واستفاضته عنه لأنه ذكر في بضعة كتب!
وماذا تقول لمن قال لك قال أحمد عن الصوفية لا أعلم قوماً أفضل منهم!!
وكذلك مايذكرونه عن من هو أجل منهم: "لا تطعنوا على أهل التصوف" المروي عن أبي هريرة وعن أنس رواه الديلمي وذكر في كشف الخفاء وفي الفردس بمأثور الخطاب عن أبي هريرة.
ما عساك أن تقول في مثل هذا الهراء –الذي إن شئت زدتك منه- غير أنها أقوال لم تثبت وليس لها خطام أو زمام كمثل ما نقلت غفر الله لك.
أما ما نسبته إلى من رضى بما يسوقه لي! شيخ الإسلام من منامات ومكاشفات القلوب ومعرفة لما في الصدور وأمثال ذلك، وحكايات فيها تكفيرٌ لمئات من الأئمّة والعلماء على طول الدهر، أو قصص فيها نفي وجود أولياء لله في مدن كاملة، وقلتم عني: "يرضى بقصصٍ عن أشخاصٍ ليسوا في رتبة الأئمّة ولا يُقاربوها؛ وفيها الطعن والتكفير بالجملة وبإطلاق! "
فلا أملك إلاّ أن أقول والله آلمني كلامك هذا، وإن كان هو ما فهمته حقاً لهو أشد وقعاً في نفسي، فقد كنت أحسن بكم الظن وأضعكم في مكان أجل من هذا، وأسأل الله أن يعفو عنك، ويغفر لك.
انظر في أي سياق ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وليس حارث همام! وعلى ماذا استشهد بها، وهل خرجت عن ذلك عندما نقلتها، والحر تكفيه الإشارة أخالك والقراء منهم. ولا يفوتني استطراداً هنا أن أقول بأن مسألة الكشف الصحيح إثباتها عند أهل السنة، وقد أنكرها بعضهم وأجلهم العلامة الألباني أول ما وقفت على كلامه في تعقبه العلامة المعلمي حولها ولم يأت المعلمي بدعاً بل تبع شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم –أقول وقد كان ابن القيم أعظم إلماماً بمذهب السلف في المسألة ممن تعقبه في المدراج عفى الله عنه- وغيرهما، إلاّ أن أهل السنة لايبنون عليه أحكاماً كالرؤية المنامية، ولم يكن الغرض من ذكر ذلك الكشف العظيم إثبات حكم على أحد وإنما كان السياق الذي كنت أظن أن يعقله كل من قرأه هو إثبات منافرة أولئك للبدع الكلامية وأهلها، وما سيق من أخبار يؤيد هذا المعنى ويدل عليه وهو المقصود.
أما سؤالك: " أهذا ما يرضيك؟ أهذه القصص عندك أولى من كلام الأئمة؟ أهذه هي الأسانيد التي تنادي بها؟ "
فأقول الخلاف في تكفير الأشعرية لا على التعيين قال به بعض أهل العلم وليس فيما نقل أكثر من هذا، ولست أريد تحرير هذه المسألة هنا، وإنما ذكرت ما ذكرت لأبين كما بين شيخ الإسلام به مباينة طريق القوم لطريقهم فهل هذا يدل عليه أو لا؟ والفرق بين هذا وبين الأسانيد المنقولة بغير خطام عن الأئمة أن هذه أخبار ثابتة تبين لك مراد صحيحاً، والأخبار عن الأئمة أخبار غير ثابتة يستدل بها على مراد باطل في اعتقادي، فما أعظم الفرق والله أعلم.
وأما الهروي فقد حدت به –غفر الله لك- عن الجنيد، فأجب عن السؤال حول الجنيد الذي وصفه بالإمامة وترضى عنه ودعاء له دعاء عريضاً، هل ترى ظاهر هذا إخراجه له من جملة أهل السنة؟ واترك شأن الهروي الآن.
ثم هل تفهم من وصف شيخ الإسلام لأبي إسماعيل رحمه الله بشيخ الإسلام أنه يراه من جملة أهل السنة رغم ما وقع فيه من خطأ أم يخرجهم عنهم؟ وإذا قلت هو يخرجه عنهم فمن أين فهمته أمن دلالة قوله عنه شيخ الإسلام، أم من نص آخر تعده استدراكاً على هذه اللفظة أو بيانا لمراده بها؟ وهل كل من وصف بالوقوع في ببدعة يخرج عندكم من جملة أهل السنة؟ ثم هل تفرق بين لفظ شيخ الإسلام وبين الترضي والوصف بالإمامة أم لا؟ وهل قرأت ما ذكره ابن ناصر الدين في أوجه معنى قولهم شيخ الإسلام؟
أرجو أن تدعوك هذه الأسئلة للمراجعة، وإن أجبت عليها فلا حاجة لما فرعته عليها بعد حفظك الله.
أما قولكم:
¥