وليس معنى هذا أنهم كلهم على هذه الصفة
بل في غيرها من هم على هذه الصفة، وإن كانت فيهم أظهر.
وإذا قيل إن إيران هي بلاد الرافضة الفجرة الملاعين، لم يكن القائل مخطئًا، مع أن في غيرها من البلاد روافض ..
لكن الرفض فيهم أظهر وأبين ..
ونظائر ذلك عبر التاريخ كثيرة
كمصر في زمن الرافضة ونحو ذلك
وهذا نظير ما يقوله المحدثون من أن بلاد كذا يغلب على أهلها التشيع ..
ونحو ذلك ..
وأما قول القائل إن دين الله الحق وعقيدة أهل السنة والجماعة ليست مختصة بزمان ولا مكان فغير صحيح بهذا الإطلاق.
فإن الله عز وجل قد يقسم في زمن من الأزمنة لأهل بلادٍ من الخير والسنة ما لا يقسم لغيرهم
كما أن الله عز وجل قد يقسم لأهل بلاد من الشر والفتنة والبدعة ما لا تجده في غيرهم
ويتغير الأمر من زمان إلى آخر كما سبق وضربت الأمثلة، والأيام دول ..
======
وقد ذكرت هذا المعنى منذ أكثر من سنتين حين كنت أتحاور مع بعض المخلّطين في مسألة الإيمان
وقد أشرت حينها إلى أن اعتناء بلاد الحرمين بالتوحيد والسنة والعلم لا يضاهيه اعتناء غيرها من البلاد
وكان مما قلتُه:
ومعلوم أن الله - عزّ وجلّ - قد منَّ على الأمّة بالصحوة العلميّة السلفيّة السنّية في بلاد الجزيرة العربية منذ الشيخ الإمام محمّد عبدالوهّاب رحمه الله ..
وأن التأييد حصل للسلفيّة من الأمراء وقتها ..
بحيث تركوا علماء أهل السنّة والجماعة يقررون العقائد السلفية ... ويعتمدون الفقه الحنبلي ..
فعلى مدار عشرات وعشرات السنين والعلماء هناك يقرءون كتب شيخ الإسلام وابن القيّم .. وكتب السّلف.
ويضعون متونًا ومنظومات، ثم يشرحون هذه المتون، أويُحَشّون عليها ..
فلمّا أكرمهم الله بالجامعات .. حقّقوا ودرسوا عشرات من كتب اعتقاد أهل السنة وشيخي الإسلام ..
حتى إن من أراد أن يدرس عقيدة الفرقة الناجية لا بد سيمر على مؤلفات هؤلاء، وتحقيقاتهم لكتب السنّة ..
فكيف يخالفهم مَنْ تسوّر على كتبهم وتحقيقاتهم وتعلّم منها، في شيءٍ فهموه وتناقلوه بأسانيد متصلة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية (مثلاً) ويزعم أنّ فهم جميعهم لكلام شيخ الإسلام غلط؟!!
ولستُ الآن بصدد امتداح الدعوة السلفيّة في الجزيرة التي قوّم الله بها الدين ..
أو القول بأن أفراد العلماء هناك معصومون من الزلل .. لكنّني سأنبّه على بعض مرادي بنقلين أراهما نفيسين .. ثم الله تعالى يرزق الفهم لمن أراد ..
قال الإمام العلامة الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – بعد استعراض المذاهب في الصلاة على النبي في الصلاة:
«ثم انظر العجب أن أهل نجدٍ يرون الصلاة على النبي ركنًا، وأولئك لا يرون أنها ركن في الصلاة!
فهم – أهل نجد – أعظم الناس حفظًا لحقوق الرسول. وهم خير من جميع النواحي، فإنه لم يوجد إطباق على الخير مثل إطباق أهل نجدٍ. أما الأفراد فموجود كثير في المغرب وغيره». (فتاوي الشيخ 1/ 73).
وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم – رحمه الله – في حاشية نفس الكتاب:
«قلتُ: وقد قرأت في بعض المؤلفات التي تدافع عنهم في الشام إذ ذاك: أن عوام أهل نجد علماء. واستدل بأنهم إذا سمعوا بعض الأحاديث ينكرونها ويقولون: هذا ما قاله الرسول، هذا ما سمعناه. وأنه فتّش فوجد الأمر كما ذكروا. وكذلك إنكارهم للبدع. وقد قال الشيخ محمد بن عبدالوهّاب والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين».أهـ (حاشية على 2/ 237 من فتاوى محمد بن إبراهيم).
والمقصود بيانه هنا:
أن قول بعض الصّغار، والجهلة الأغمار: (إن عقيدة أهل السنّة والجماعة لا يتميّز بها مكان دون آخر).
أو: (إن كبار علماء أهل السنّة والجماعة لا يختص بهم مكان ولا زمان).
قول ظاهر الفساد لا يقوله إلا من لا يفقه شيئًا في نشأة الفرق البدعية، ولا يعلم شيئًا عن تواريخ الدّول الإسلاميّة!
وإلا فمن أظهر الردود أننا نستطيع أن نقول: لقد ظهرت بدعة الإرجاء أوّل ما ظهرت في كذا من البلدان ... ثم انتشرت في كذا ... ثم استقرّت وترعرعت في كذا ..
وقل مثل ذلك في التجهّم، والخروج ..
بل يمكننا حقيقةً الآن أن نقول: (إن دولة كذا قد امتاز فيها الخوارج الإباضيّة فهي بلد خارجيّة) ومن خالف ذلك فقد خالف المحسوس المُشاهد.
...
واقرءوا تاريخكم أيها الإخوة ..
على سبيل المثال أنصحكم بنقض عثمان بن سعيد ابتداءً ..
ولا أنسى أن أذكّركم: أفضل طبعات الكتاب من جهة ضبط النصّ والتعليقات هي المطبوعة في مجلدين ط. الرشد في مجلدين وقدّم لها فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي ..
وهي رسالة الماجستير للشيخ الدكتور رشيد بن حسن الألمعي .. وقدّم لها بمقدّمة حافلة حاشدة .. جزاه الله خيرًا
والله سبحانه هو وحده المستعان لا إله لنا سواه ..
اللهم اغفر زللي وخطئي .. وقوّم لساني واغفر خطاياي .. وأصلح لي قلبي .. واهدني إلى صراطك المستقيم .. آمين .. آمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.)) اهـ.
والمقصود:
أنه ما من حرج أن يقول قائل إن بلاد كذا اختصّت بالعقيدة الصحيحة، وأن مجموع أهل هذه البلاد خير من غيرهم إذا لم يحصر العلم والسنة والتوحيد فيهم.
أو حتى بالاهتمام بالعلم والدين.
كما أنه ما من حرج أن يقول قائل إن بلاد كذا بلاد بدعة وأهلها أهل سوء ..
والأمران سيان ..
والدليل على ذلك
أن هذا واقع مشاهَد معايَن لا ينبغي أن يُنكَر.
¥