كذلك قد يستشكل البعض أن الشعراني له كتب في الحديث و الفقه كالميزان وكشف الغمة من رآها لم يكد يصدق أن كاتبها هو كاتب الطبقات، وذلك لأن هؤلاء القبوريين لديهم انفصام في الشخصية بسبب تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة، فعندما يكلمك في الشريعة يكلمك كلام العقلاء، ثم إذا خاض في الحقيقة انقلب 180 درجة وتحول كلامه إلى كلام المجانين.
وأما ثناء المؤرخ عبد الحي بن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب في أخبار من ذهب على الشعراني،، فذلك لأنه على شاكلته، والطيور على أشكالها تقع، وهو صوفي قبوري مثله، فمن الطبيعي أن يثني عليه، بالإضافة إلى كون العالم الإسلامي في تلك الحقبة كان مغموسا في هذه الشركيات والبدع والخرافات يشب عليها الصغير ويشيب عليها الكبير، ومن لم يكن قبوريا مشركا رأيته مجاريا لهم مثنيا على ضلالاتهم بجهل أو تأويل، إلا من رحم الله عز وجل، ولو طالعت بقية كتاب الشذرات لوجدته يمجد القبوريين ويقر شركياتهم، وانظر إلى قوله هنا عن الشعراني: " موزعاً أوقاته على العبادة؛ ما بين تصنيفٍ وتسليكٍ وإِفادة " فالتسليك في مصطلح القوم هو جعل الشيخ تلميذه من السالكين وذلك بأن يلبسه الخرقة، فابن العماد لم ينف عن الشعراني التصوف بل إنه يثني عليه بأنه كان يقضي أوقاته في التسليك!
وليس هذا إن شاء الله من الغيبة وإنما هو من تحذير الأمة من أئمة أهل البدع البينة والضلالات الظاهرة والشركيات الجلية وكانوا مستعلنين بها ويدعون إليها في مصنفاتهم.
على كل حال فقد أفضى الشعراني وابن العماد إلى ما قدما وحسابهم على الله عز وجل.
واقرأ إن شئت ما قاله الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق _ حفظه الله _ في كتابه (فضائح الصوفية) عن الشعراني واحكم بنفسك، قال _ حفظه الله _:
" فهذا هو عبد الوهاب الشعراني يجمع في كتابه الطبقات الكبرى كل فسق الصوفية وخرافاتها وزندقتها فيجعل كل المجانين والمجاذيب واللوطية والشاذين جنسياً، والذين يأتون البهائم عياناً وجهاراً في الطرقات، يجعل كل أولئك أولياء وينظمهم في سلك العارفين وأرباب الكرامات وينسب إليهم الفضل والمقامات. ولا يستحي أن يبدأهم بأبي بكر الصديق ثم الخلفاء الراشدين ثم ينظم في سلك هؤلاء من كان (يأتي الحمارة) جهاراً نهاراً أمام الناس ومن كان لا يغتسل طيلة عمره، ومن كان يعيش طيلة عمره عرياناً من الثياب ويخطب الجمعة وهو عريان، ومن ومن… من كل مجنون وأفاك وكذاب ممن لم تشهد البشرية كلها أخس منهم طوية، ولا أشد منهم مسلكاً ولا أقبح منهم أخلاقاً، ولا أقذر منهم عملاً ينظم كل أولئك في سلك واحد مع أشرف الناس وأكرمهم من أمثال الخلفاء الراشدين والصحابة الأكرمين وآل بيت النبي الطاهرين فيخلط بذلك الطهر مع النجاسة والشرك بالتوحيد، والهدى بالضلال، والإيمان بالزندقة، ويلبس على الناس دينهم، ويشوه عقيدتهم.
وأقرأ الآن بعض ما سطره هذا الأثيم عمن سماهم بالأولياء العارفين: قال في ترجمة من سماه بسيده علي وحيش:
"وكان إذا رأى شيخ بلد، أو غيره ينزله من على الحمار ويقول: امسك رأسها حتى أفعل فيها. فإن أبى شيخ البلد تسمر في الأرض ولا يستطيع أن يمشي خطوة. وإن سمع حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه"!! (الطبقات الكبرى ج2ص135)
فانظر كيف كان سيده علي وحيش يفعل هذا أمام الناس!! فهل يتصور عاقل بعد هذا أن هذا التصوف النجس من دين المسلمين ومما بعث به رسول رب العالمين، محمد صلى الله عليه وسلم الهادي الأمين. وهل ينظم أمثال علي وحيش ومن على شاكلته في سلك أصحاب الرسول ويجعل هؤلاء جميعا أصحاب صراط واحد إلا زنديق أفاك أراد هدم دين الإسلام وتخريب عقائد المسلمين.
وحتى لا تستفيق العقول من رقادها، فإن الشعراني هذا زعم لهم أن الأولياء لهم شريعتهم الخاصة التي يعبدون الله بها ويتقربون إلى الله بها وإن كان منها إتيان الحمير!! وكلما حاولت نفس أن تستيقظ، وتفكر لتفرق بين الهدى والضلال، والطهر والنجاسة، ألقى هؤلاء عليها التلبيس والتزوير. وهذا هو الشعراني يذكر أن رجلاً أنكر الفسق والفجور الذي يكون في مولد (السيد) البدوي حيث وما زال يجتمع الناس بمئات الآلاف في مدينة طنطا ويكون هناك الاختلاط المشين بين الرجال والنساء بل تصنع الفاحشة في المساجد والطرقات، وحيث كانت تفتح دور البغاء وحيث يمارس
¥