تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المهندس]ــــــــ[25 - 09 - 09, 04:49 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي قهر العباد بالموت، وجعل كلام الراحلين عن الدنيا سكوت، سبحانه إذ قال مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة. والصلاة والسلام على من اسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.

أما بعد فاني أستغفر الله لكم في الوقوع في لحوم العلماء فإنها مسمومة وأما تتبع عثراتهم والوقوف على زلاتهم والقدح فيهم ونعتهم بالألقاب التي لا تصح فإنها من علامات قيام الساعة.

واني أقسمت بالله أني صوفي المنشأ منذ سبع وثلاثين عاماً وأنا أنهل العلم على أيدي مشايخ لهم اجازات تصلهم بالاكابر من العلماء وقفوا حياتهم للعلم ولم أسمع من أحدهم قدحا في أي من العلماء واني أيضا من عائلة سلفية لم أختلف مع أحد من أهلي في يوم على رأي فالكل يريد وجه الله واني أعتقد في شيخنا الجليل ابن تيمية كل الخير ولم يكن ممن يقدح بهذا القدح الخطير بان يقول الصوفية كالبهائم مثل الحمار، ولا أعلم من قال أنهم قبوريون فاني والله لم أسمع في حياتي رجلا صوفياً واحداً قال بزيارة القبور وحتى لم أسمع من كلام الاكابر ذكر القبور فضلا عن قصدها بقصد التوسل، أما ما ابتدعته جهال الصوفية وأهل الظلال منها فان الصوفية منها براء، وحسبي الله ونعم الوكيل على كل من غير الطريقة وبدلها. فلا الذكر الذي نسمعه اليوم هو ذكر القوم ولا العلم والحكمة والورع بات لدى كبار أهل طرق التصوف اليوم، ولقد عاصرت علماء من أهل التصوف في فتوتي وشبابي ولم أجد لديهم غير العلم المتواتر الصحيح ولم أجد مخالفة لا في علمهم باصول الدين ولا في سلوكهم في طريق التصوف.

أما ان قال قائل من السلفية أن أهل التصوف هم قبوريون وأهل زيغ وظلال فاني أسأله بالله أن يقرأ كتاب الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى المسمى (شرح كلمات الشيخ عبد القادر الكيلاني من فتوح الغيب) وهو كتاب مطبوع ومحقق. ولعلي أكتفي بهذا في بيان أن التصوف اسم لا معنى له بدون اتباع كتاب الله تعالى وسنة الهادي الامين، ولكنه اصطلح عليه قدماء العلماء بهذا المصطلح على أنه علم يراد منه تزكية النفس بالعلم والعمل والتلقي من أهل العلم والصلاح الذين عرفوا بين الناس بصلاحهم على وفق كتاب الله تعالى ونهج المصطفى صلى الله عليه واله.

وأما الخوض في علماء التصوف وكتبهم بقصد تتبع العثرات فهذا مما لم يفعله غالب العلماء السابقين. ثم القدح فيهم ونعتهم بأقبح النعوت فهذا أمر جد خطير والى الله نستجير. فغالب علماء التصوف كانوا علماء دين ذوي اجلال واحترام، فان شذت كلمة من أحدهم فلا يجوز أن نطلق عليهم أجمعه وعلى طريقتهم بانها ضالة جملة وتفصيلا.

والله أسألكم أن تقرأوا الرحلة المشهورة المسماة برحلة ابن بطوطة (وان كانت لا تعتبر دليلا بل أقصد من قرائتها أنها تقص علينا اخبار رجل زار الاقطار والامصار فكتب عنها) لتجدوا أن غالب الامصار في عصره بل وكل الاقطار كانت تسلك مسلك التصوف. ولقد كانت الامة متنعمة بالعلماء الصوفية الذين لم يأمروا أحداً بزيارة قبر ولا غيره مما نهت العقيدة الصافية عنه.

ولن ادافع عن الشعراني بل أكتفي بسرد بعض مشايخه

جلال الدين السيوطي و زكريا الأنصاري و ناصرالدين اللقاني و شهاب الدين الرملي، ونورالدين المحلي، وأمين الدين الإمام بجامع الغمري، وعبدالحق السنباطي، و برهان الدين بن أبي شريف، و شمس الدين السمانودي وعلي المرصفي. وغيرهم مما يقال أنه يصل الى نحو سبعين شيخا في عصره.

فكيف بالله عليكم يا اخوة الملة ويا اخوة الدين أن ينقل عنه مثل هذا الهراء والكلام السخيف والغبي والحقير الذي لم يسطره في كتاب أحد من الاوائل والاواخر. وان المطلع على غالب كتب الشعراني يجد فيها كلاما طيبا مباركاً فما معنى أن يكتب الشعراني هذه الاسطر؟ وما معنى أن نلح في نسبتها اليه مع أنه من الواضح وضوح الشمس أنها دس عليه كما دست كتب كثيرة نسبوها الى السيوطي.

مثل الشعراني مثل الامام شهاب الدين السهروردي الذي صلب في حلب بكتاب من صلاح الدين الايوبي رحمهما الله كلاهما وكان سبب ذلك سوء فهم من علماء عصره ودس عليه بالاتهامات.

رحم الله الائمة الاجلاء من علماء الصوفية الذين فارقونا ورحم الله طريقتهم كيف أصبحت بدعة وكيف أصبح الصوفي قبوري.

هذا واني والله أكن لكم كل الخير وأعتقد فيكم أنكم تريدون الخير وتريدون وجه الله تعالى وما اتهمتم التصوف ولا الشعراني الا محبة في الدين أن يحرف ويصبح محلا للبدع والاهواء والفساد.

واختم قولي بأبيات من الشعر قالها السروردي

قِف عَلى المَنزل وَاِسأَل طَلَلَه مَن بِهِ بَعدَهُم قَد نَزَله

وَلِماذا رَحَل السُكّان عَن سَكَنٍ كانوا بِهِ عَن عَجَله

طالَ شَوقي فَاِبكِ إِن شِئتَ مَعي وَاِندُبِ الرّبعَ وَكَلّم طَلله

خَلِّني يا صاحِ عَن عَذلِكَ لي قَد عَصى قَلبي عَلى مَن عَذَلَه

لا تَزده فَوقَ ما حَلَّ بِهِ فَبِقَلبي شاغلٌ قَد شَغَلَه

لَستُ أَنسى ساعَة البَينِ وَقَد ثوّر المَحبوبُ فيها جُملَه

أَودَع القَلب وَقَد وَدَّعني نارَ وَجدٍ لَم تَزَل مُشتَعِلَه

حَرّمَ الوَصلَ عَلى عاشِقِهِ فَهوَ يَدري أَنَّهُ قَد قَتَلَه

أَيُّها القَلبُ المُعنّى هَكَذا تطلب الحُبَّ وَتَهوى مَلَلَه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير