تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قال الشوكاني في الدر النضيد:

إذا عرفت هذا فاعلم أن الرَّزية كل الرزيَّة والبليَّة كل َّ البليَّة أمر غير ما ذكرناه من التوسل المجرَّد، والتَّشفُّع ممَّن له الشَّفاعة،وذلك ما صار يعتقده كثير من العوام وبعض الخواصِّ في أهل القبور، وفي المعروفين بالصَّلاح من الأحياء أنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلاَّ الله، ويفعلون بهم مالا يفعله إلا الله عزَّ وجلَّ، حتى نطقت ألسنتهم بما انطوت عليه قلوبهم، فصاروا يدعونه تارة مع الله وتارة استقلالا ويصرِّحون بأسمائهم، ويعظِّمونهم تعظيم من يملك الضُّرَّ والنفع، ويخضعون لهم خضوعا زائدا على خضوعهم عند وقوفهم بين يدي ربهم في الصَّلاة والدُّعاء.

وهذا إذا لم يكن شركا فلا ندري ما هو الشِّرْك، وإذا لم يكن كفْرا فليس في الدنيا كفْر. ا. هـ

وقال في موضع آخر:

إذا لم يحصل من المسلمين إلا مجرد التوسل الذي قدمنا تحقيقه فهو كما ذكرنا سابقا، ولكن من زعم أنه لم يقع منه إلا مجرد التوسل وهو يعتقد من تعظيم ذلك الميت ما لا يجوز اعتقاده في أحد من المخلوقين، وزاد على مجرِّد الاعتقاد فتقرّب إلى الأموات بالذبائح والنذور، وناداهم مستغيثا بهم عند الحاجة، فهذا كاذب في دعواه أنَّهُ متوسل فقط، فلو كان الأمر كما زعمه لم يقع منه شيء من ذلك، إذا المتوسَّلُ به لا يحتاج إلى رشوة بنذر، أو ذبح، ولا تعظيم، ولا اعتقاد، لأن المدعو هو الله، وهو أيضا المجيب.

ولا تأثير لمن وقع به التوسل قطُّ، بل هو بمنزلة العمل الصَّالح، فأيُّ جدوى في رشوة من قد صار تحت أطباق الثَّرى بشيء من ذلك، وهل هذا إلاَّ فعل من يعتقد التأثير اشتراكا أو استقلالا، ولا شهادة أعدل من جوارح الإنسان على بطلان ما ينطق به لسانه من الدَّعاوى الباطلة العاطلة، بل من زعم أنه لم يحصل منه إلاَّ مجرَّد التوسل وهو يقول بلسانه: يا فلان .. مناديا لمن يعتقده من الأموات، فهو كاذب على نفسه.

ومن أنكر حصول النداء للأموات والاستغاثة بهم استقلالا، فليخبرنا ما معنى ما يسمعه في الأقطار اليمنية من قولهم: با ابن عجلان، يا زيلعي، يا ابن علوان، يا فلان ... . ا. هـ

أقول:

وهذا الذي أحدثه المتأخرون هو من أعظم وسائل الشرك بالله والتعلق بغيره من الأموات، والمنع منه هو الصَّواب، والقبورية وغيرهم يهتمون بمثل هذه النقول عن شيخ الإسلام وغيره ليقولوا نحن ندينكم من كلام من تعظِّمون من أئمتكم، فانظروا إلى شيخ الإسلام كيف أنه لا يكفر من طلب من الميت أن يستغفر له.

ويقولون نحن لا ندعوا الرسول بذاته لينفعنا أو يضرَّنا، وإنما ندعوه ليستغفر لنا عند الله، وهو ليس كفرا أو شركا كما نقلنا لكم عن شيخ الإسلام الذي تأخذون أقواله على أنها قرآن لا يقبل النقاش.

والجواب عن هذه السخافات أن يقال:

أولا: فليذهب هؤلاء القبورية إلى أي من القبور التي يزعمون وليرون ما يحدث عندها من الشرك الصريح بالله ودعاء غيره فهم يطلبون من الميت كل ما يريدون من أمور الدنيا والآخرة.

ثانيا: الطواف الذي يقوم به هؤلاء الجهال هل هو شرك أم لا، وأين توجيهكم أيها المرتزقة لهؤلاء المشركين، أن لا يطوفوا بالقبور، وأن لا يدعون أصحابها ويطلبون منهم ما لا يستطيعونه من أمور الدنيا والآخرة.

ثالثا: الذبائح التي يذبحها هؤلاء المشركين عند القبور هل هي من دين الله الذي أنزله على رسوله.

وإن كنتم لا تستطيعون توجيه العوام كما تزعمون، فلا تقدموا لهم وسائل الشرك الأكبر المخرج من الملة على أطباق من ذهب، وتصفوها بأنها من القربات لله تعالى كزيارة القبور ودعاء أصحابها _ الأولياء كما يزعمون _ ثم أذا وقعوا في الشرك الأكبر قلتم لم نستطع السيطرة عليهم لأنهم جهال.

فالمنع من هذه الوسيلة المفضية إلى الشرك الأكبر هو الذي يدين الله به كل من عرف مقاصد الشريعة من جعل المخلوقين يتعلَّقون بالله ربهم ويدعونه ويرجونه ويقطعون العلائق عن غيره.

هذه كلمات سريعة كتبتها أسأل الله أن ينفع بها.

والله أعلم وأحكم.

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 05:24 م]ـ

- بارك الله فيكم وجزاكم خيراً

تعقيبات وتأصيل:

الأول: قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((الدعاء هو العبادة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير