تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: وأخبرنا محمد بن عبد الملك ()، قال: حدّثنا عبد الله بن يونس ()، قال: حدّثنا بقي بن مخلد ()، قال: حدّثنا بكّار بن عبد الله القرشي () ... وساق روايته للأثر المتقدّمة من طريق مهدي بن جعفر، ثم قال: قال بقي: وحدّثنا أيوب بن صلاح () المخزومي بالرملة، قال: ((كنا عند مالك إذ جاءه عراقي فقال له: يا أبا عبد الله مسألة أريد أن أسألك عنها؟، فطأطأ مالك رأسه فقال له: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمت في غير معقول، إنّك امرؤ سوء، أخرِجوه، فأخذوا بضبعيه فأخرجوه)) ().

9 ـ رواية بشّار الخفّاف الشيباني ().

قال ابن ماجه في التفسير: حدّثنا علي بن سعيد ()، قال: حدّثنا بشّار الخفّاف أو غيره، قال: ((كنت عند مالك بن أنس فأتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف استوى؟، وذكره، كذا في تهذيب الكمال ().

وقال أبو المظفر السمعاني في تفسيره: ((وقد رووا عن جعفر بن عبد الله وبشر الخفّاف () قالا: كنّا عند مالك بن أنس فأتاه رجل فسأله عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف استوى؟ فأطرق مالك مليًّا، وعلاه الرحضاء، ثم قال: ((الكيف غير معقول، الاستواء مجهول ()، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنّك إلاّ ضالاًّ، ثم أمر به فأخرج)) ()، من غير شك في رواية بشار الخفاف.

10 ـ رواية سحنون () عن بعض أصحاب مالك.

قال ابن رشد في البيان والتحصيل: قال سحنون: أخبرني بعض أصحاب مالك أنَّه كان قاعداً عند مالك فأتاه رجل فقال: ((يا أبا عبد الله مسألة؟، فسكت عنه ثم قال له: مسألة؟، فسكت عنه، ثم عاد فرفع إليه مالك رأسَه كالمجيب له، فقال السائل: يا أبا عبد الله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف كان استواؤه؟ فطأطأ مالك رأسَه ساعة ثم رفعه، فقال: ((سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمتَ في غير معقول، ولا أراك إلاَّ امرأ سوء، أَخرِجوه)) ().

فهذا جملة ما وقفت عليه من طرق لهذا الأثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله-، وبعض طرقه صحيحة ثابتة، وبعضها لا يخلو من مقال، إلا أنّها يشدّ بعضها بعضاً، ويشهد بعضها لبعض، والأثر ثابت بلا ريب بمجموع هذه الطرق، ولذا اعتمده أهل العلم، وصححه غير واحد، وقد تقدّم الإشارة إلى بعض من صحّحه، ولا يُعرف أحدٌ منهم ضعّفه، وسيأتي في مبحث لاحق نقل كلام أهل العلم في التنويه به، والثناء عليه، وتلقّيهم له بالقبول والاستحسان.

المبحث الثاني: ذكر الشواهد على هذا الأثر من الكتاب والسنة

لقد تضمّن هذا الأثر العظيم جملاً أربعاً وهي:

1 ـ الاستواء غير مجهول.

2 ـ والكيف غير معقول.

3 ـ والإيمان به واجب.

4 ـ والسؤال عنه بدعة.

وهي جمل صحيحة المعنى عظيمة الدلالة، لكلِّ جملة منها شواهدها الكثيرة في كتاب الله وسنة رسوله ?، وسيمرُّ معنا في ثنايا هذا المبحث العديد من النصوص التي تشهد لصحة كلِّ جملة من هذه الجمل، ولنقف هنا مع كلِّ جملة من هذه الجمل لذكر بعض الشواهد عليها من القرآن والسنة.

أوّلاً: أما قوله: ((الاستواء غير مجهول)) فالمراد به أنَّ الاستواء معلوم المعنى؛ لأنَّ الله قد خاطبنا في القرآن الكريم بكلام عربيٍّ مبين، قال الله تعالى: ? نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ? ()، وقال تعالى: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? ()، وقال تعالى: ? كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ? ()، وقال تعالى: ? وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيًّا ? ()، وقال تعالى: ? قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ? ()، فهو -سبحانه- أنزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين؛ ((لأنَّ لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات)) ()، وليفهم المخاطَبون به كلام الله وليعقلوا خطابه ويحيطوا بمعانيه كما قال -سبحانه-: ? وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ? () فمن لطف الله بخلقه أنه يرسل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير