تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتفكّرُ المأمور به هنا كما يبيّن ابن القيّم -رحمه الله - هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة ()، وهذا يتضح بالمثال، فالمسلم إذا أحضر في قلبه كبر هذه المخلوقات من سموات وأرض وكرسي وعرش ونحو ذلك، ثم أحضر في قلبه عجزه عن إدراك هذه الأشياء والإحاطة بها حصل له بذلك معرفة ثالثة وهي عظمة وكبرياء خالق هذه الأشياء وعجز العقول عن أن تدرك صفاته أو تحيط بنعوته -سبحانه-، يقول -سبحانه-: ? وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ? ()، فالله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

ثالثاً: وأمَّا قوله: ((والإيمان به واجب)) أي: الاستواء الذي وصف الرب به نفسه في كتابه، ووصفه به رسوله ? في سنّته، وهكذا الشأن في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة، يجب الإيمان بها وإمرارها كما جاءت دون تعرّض لها بردّ أو تحريف أو تكييف أو تمثيل أو غير ذلك، ولهذا ندب الله عباده وحثّهم ورغّبهم في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على تعلّم أسماء الرب وصفاته والإيمان بها ومعرفتها معرفة صحيحة سليمة.

يقول الله تعالى: ? وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ? ()، وقال تعالى: ? قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاًمَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ? ()، وقال تعالى: ? هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهَ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ? ()، وقال تعالى: ? اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضَ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيء عِلْماً ? ()، وقال تعالى: ? فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? () وقال: ? وَاعْلَمُوا اَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? ()، وقال: ?وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ? ()، وقال: ? وَاعْلَموا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ? ()، وقال: ? اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ? ()، وقال: ? فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرِ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ? ()، وقال: ?فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ? ()، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

فهذه الآيات وما في معناها تدلّ أوضح الدلالة على أهمية الإيمان بأسماء الرب -تبارك وتعالى- الحسنى، وصفاته العظيمة، وأنَّ ذلك من أصول الإيمان الراسخة، وأسسه العظيمة التي لا إيمان إلاّ بها، فمن جحدها أو جحد شيئاً منها فليس بمؤمن، كما قال الله تعالى: ? وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ?، قال ذلك -سبحانه- في شأن من ينكر اسمه الرحمن، فكيف بمن ينكر أسماءه جميعها أو صفاته كلَّها؟!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير