تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والشاهد من جميع ما تقدّم أنَّ الإيمان بأسماء الرب وصفاته الواردة في كتابه وسنة نبيِّه محمد ? يجب الإيمان بها جميعها، والإيمان بها داخل في الإيمان بالله بل هو ركن من أركان الإيمان بالله؛ لأنَّ الإيمان بالله يقوم على أركان ثلاثة هي: الإيمان بوحدانية الله في ربوبيته، والإيمان بوحدانيته في ألوهيته، والإيمان بوحدانيته في أسمائه وصفاته ().

ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مقدمة العقيدة الواسطية: ((ومن الإيمان بالله الإيمانُ بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله ? من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنَّ الله -سبحانه- ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? ()، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيِّفون ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه .. ؛ لأنه –سبحانه- لا سميّ له ولا كفء ولا ندّ له، ولا يقاس بخلقه –سبحانه وتعالى-، فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً من خلقه، ثم رسله صادقون مصدَّقون بخلاف الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، ولهذا قال: ? سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ? ()، فسبّح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل وسلّم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب.

وهو -سبحانه- قد جمع فيما وصف وسمّى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون، فإنَّه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين)).

رابعاً: وأما قوله: ((والسؤال عنه بدعة)) فلأنَّ السؤال عنه والبحث فيه أمرٌ لم يشرع للعباد، بل دلّت النصوص على عدم إمكان ذلك، وأنَّه لا سبيل إلى العلم به.

ولهذا فإنَّه من خاض فيه وبحث عن علمه يكون قد قال على الله بلا علم، وقد قال الله تعالى: ? أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ? ().

وهذا من أعظم المحرّمات، وقد قال الله تعالى: ? قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ما ظهر منها وما بطن والإِثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ? ().

وقفا ما ليس له به علم، وقد قال الله تعالى: ? وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ? ().

وتقدّم بعقله القاصر بين يدي الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ? ().

ثم إنَّه قد ورد في القرآن والسنة النهي عن الأسئلة عن الأمور المغيبة، وعن الأمور التي عفا الله عنها فلم يوجبها ولم يحرِّمها، وكذلك عن سؤال التعنُّت والأغلوطات، قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ? ().

وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي ? قال:

((دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرةُ سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم)) ().

قال الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: ((ومما يدخل في هذا الحديث السؤال عن كيفية صفات الباري؛ فإنَّ الأمر في الصفات كلّها كما قال الإمام مالك لمن سأله عن كيفية الاستواء على العرش؟، فقال: ((الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، فمن سأل عن كيفية علم الله، أو كيفية خلقه وتدبيره، قيل له: فكما أنَّ ذات الله -تعالى- لا تشبهها الذوات، فصفاته لا تشبهها الصفات، فالخلق يعرفون الله ويعرفون ما تعرّف لهم به من صفاته وأفعاله، وأما كيفية ذلك، فلا يعلم تأويله إلاّ الله)) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير