تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومع ذلك فقد قال بعض جُهّال المعاصرين بعد محاولة فاشلة لتضعيف هذا الأثر: ((وعلى أيٍّ فالقضية تبقى رأياً من عالم غير ملزم للناس ولا قاطع للجدل والفهم، ولا محدد لفهم واحد، بل لكلّ متّسع فيما يرى)) ().

فالجهمي له متسع، والمعتزلي له متسع، والأشعري له متّسع، فالله وحده المستعان.

ثانياً: أما عدّ أهل العلم لهذا الأثر قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات فمن ذلك:

1 ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟، قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما -رضي الله عنهما-: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة؛ لأنَّه سؤال عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.

وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربّنا إلى السماء الدنيا؟، قيل له: كيف هو؟، فإذا قال: لا أعلم كيفيته، قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله؛ إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره، وتكليمه، واستوائه ونزوله، وأنت لا تعلم كيفية ذاته))؟! ().

وقال أيضاً: ((ومن أوَّل الاستواء بالاستلاء فقد أجاب بغير ما أجاب به مالك وسلك غير سبيله، وهذا الجواب من مالك –رحمه الله- في الاستواء شافٍ كافٍ في جميع الصفات مثل: النزول والمجيء، واليد، والوجه، وغيرها، فيقال في مثل النزول: النزول، معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهكذا يُقال في سائر الصفات؛ إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة)) ().

2 ـ وقال العلاّمة ابن القيم رحمه الله: ((وهذا الجواب من مالك ? شافٍ، عامّ في جميع مسائل الصفات، فمن سأل عن قوله: ? إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأرَى ? () كيف يسمع ويرى؟، أجيب بهذا الجواب بعينه، فقيل له: السمع والبصر معلوم، والكيف غير معقول، وكذلك من سأل عن العلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرضى، والرحمة، والضحك، وغير ذلك، فمعانيها كلها مفهومة، وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعقُّل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها، فإذا كان ذلك غير معقول للبشر، فكيف يعقل لهم كيفية الصفات؟!.

والعصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ? من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبِتُ له الأسماء والصفات، وتنفِي عنه مشابهة المخلوقات.

فيكون إثباتُك منزَّهاً عن التشبيه، ونفيُك منزَّهاً عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطِّل، ومن شبّهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثِّل، ومن قال: استواء ليس كمثله شيءٌ فهو الموحِّد المنزِّه.

وهكذا الكلام في السمع والبصر والحياة والإرادة والقدرة واليد والوجه والرضى والغضب والنزول والضحك، وسائر ما وصف الله به نفسه)) ().

3 ـ وقال الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: ((سُئل الإمام مالك -رحمه الله- وغيره من السلف عن قوله تعالى: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف الاستواء؟، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فبيّن أنَ الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية ذلك مجهول، وهكذا يُقال في كلِّ ما وصف الله به نفسه)) ().

4 - وقال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي: ((واعلموا أنّ آيات الصفات كثير من الناس يُطلق عليها اسم المتشابه وهذا من جهة غلطٌ، ومن جهة قد يسوغ كما يثبته الإمام مالك بن أنس، أما المعاني فهي معروفة عند العرب كما قال الإمام مالك بن أنس -رحمه الله-: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة) كذلك يقال في النزول: النزول غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، واطّرده في جميع الصفات؛ لأنَّ هذه الصفات معروفة عند العرب، إلاّ أنَّ ما وصف به خالق السموات والأرض منها أكمل وأجلّ وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، كما أنَّ ذات الخالق –جلّ وعلا- حق والمخلوقون لهم ذوات، وذات الخالق -جلّ وعلا- أكمل وأنزه وأجلّ من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين)) ().

وللبحث صلة تأتي في العدد القادم إن شاء الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 07:17 م]ـ

الحواشي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير