تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذان الحديثان يدلان على أن دين الإسلام هو دين الفطرة , وعقيدة أهل السنة والجماعة مطابقةٌ للفطرة , ولهذا جاء في حديث معاوية بن الحكم السمي رضي الله عنه في صحيح مسلم 537 في قصة جاريته , وفيه أنه قال (أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها , فأتيته بها , فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء , قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله , قال: اعتقها فإنها مؤمنة).

فهذه الجارية بفطرتها أجابت بأن الله في السماء , وقد قال الله عز وجل (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) , والمراد بالسماء العلو , أو تكون (في) بمعنى (على) كما في قوله تعالى (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل) أي: على جذوع النخل.

وأما الذين لتبلوا بعلم الكلام , فإنهم يقولون (إن علو الله عز وجل علو قدر وقهر) , وأهل السنة والجماعة يقولون (إن علو الله عز وجل علو قدر وقهر وذات) وقد جاء عن بعض المتكلمين وغيرهم عباراتٌ تدل على أن السلامة والنجاة إنما هي في عقيدة العجائز المطابقة للفطرة , وقد نقل شارح الطحاوية عن أبي المعالي الجويني كلاماً ذم فيه علم الكلام , وقال فيه عند موته (وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي , أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور)

وفي ترجمة الرازي – وهو من كبار المتكلمين – في لسان الميزان 4/ 427 (وكان مع تبحره في الأصول يقول: من التزم دين العجائز فهو الفائز).

وقال أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين في نصيحته لمشايخه من الأشاعرة 1/ 185 – مجموعة الرسائل المنيرية (فمن تكون الراعية أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده , فإنه لا يزال مظلم القلب , لا يستنير بأنوار المعرفة والإيمان).

وروى ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح على شرط مسلم 5/ 374 عن جعفر بن بُرقان قال (جاء رجلٌ إلى عمر بن عبدالعزيز فسأله عن شيء من الأهواء , فقال: الزم دين الصبي في الكتاب والأعرابي , واْلهُ عما سوى ذلك) وعزاه إليه النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 22.

وإلى اللقاء مع الفائدة الرابعة إن شاء الله تعالى

ـ[العوضي]ــــــــ[11 - 03 - 04, 09:49 م]ـ

الفائدة الرابعة

الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات , والقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر

أهل السنة والجماعة يُثبتون كل ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله , من غير تكييف أو تمثيل , ومن غير تعطيل أو تأويل , ويقولون لِمن أثبت الذات ونفى الصفات وهم الجهمية والمعتزلة (إن الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات , فكما أننا نُثبت لله ذاتاً لا تُشبه ذوات المخلوفات , فيجب أن نثبت كل ما ثبت في الكتاب والسنة من الصفات دون أن يكون فيها مشابهةٌ للمخلوقات) , ويقولون لمن أثبت بعض الصفات وأول بعضها وهو الأشاعرة (القولُ في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر , فإن ما أثبت من الصفات على وجهٍ يليق بالله عز وجل , يلزمك الباقي على هذا الوجه اللائق بالله) , وانظر توضيح هذين الأصلين في كتاب التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص31 - 46

وإلى اللقاء مع الفائدة الخامسة إن شاء الله

ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 03 - 04, 06:02 ص]ـ

الفائدة الخامسة

السَّلفُ ليسوا مُؤوِّلةً ولا مُفوِّضة

من المعلوم أن سلف هذه الأمة من الصحابة وتابعيهم بإحسان يثبتون لله ما أثبته لنفسه , وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات , على وجه يليق بكماله وجلاله , فلا يُشبهون ولا يُعطلون ولا يُكيفون , بخلاف طريقة الخلف , التي هي التأويل لصفات الله عز وجل وصرفها إلى معان باطلة , وبخلاف طريقة المفوضة , التي زعم المؤولة أنها طريقة السلف , والتي يقولون فيها عن صفات الله عز وجل (الله أعلم بمراده بها) , وقد أوضح عقيدة السلف في الصفات الإمام مالك رحمه الله في كلامه المشهور لما سُئل عن كيفية الاستواء , فقال (الاستواءُ معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة)

فهم لا يفوضون في المعنى , وإنما يفوضون في الكيفية , ومن زعم أن طريقة السلف من الصحابة ومن تبعهم تفويض في معاني الصفات , فقد وقد في محاذير ثلاثة هي: جهله بمذهب السلف , وتجهيله لهم , والكذب عليهم.

أما جهلة بمذهب السلف , فلكونه لا يعلم ما هو عليه , وهو الذي بينه الإمام مالك في كلامه المتقدم.

وأما تجهيله لهم , فذلك بنسبتهم إلى الجهل , وأنهم لا يفهمون معاني ما خوطبوا به , إذ طريقتهم على زعمه في الصفات أنهم يقولون (الله أعلم بمراده بها)

وأما الكذب عليهم , فإنما هو بنسبة هذا المذهب الباطل إليهم , وهو برآءُ منه.

وإلى اللقاء مع الفائدة السادسة إن شاء الله تعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير