أفيتركهم الله طيلة الزمان والدهر بدون شيء ينبههم أو دعوة للتوحيد والحنيفية تصل إليهم .. !!
وقد أتحفني أخي الفاضل محمد إبراهيم الزبيري التميمي بتعليق له حول هذا الملحظ, فأبان أحسن بيان, وأفاد أحسن إفادة وصاغ بكلماته القوية الآتية ما كان يدور في رأسي وخلدي, فقال-جزاه الله خيرا-:
" فإن تباعد زمن النبي عن زمنه فهو مأمور بما أتى به ذلك النبي ..
وإن اختلف مكان إقامة هذا الذي لم يعلم بالإسلام وعلم أن عيسى عليه السلام قد قال بالبنوة وأتى بكتاب من الله تعالى في الشام فهو مأمور باتباعه ..
لأن النبي الذي بعث لقومه خاصة فقد أمره الله تعالى بدعوة قومه لا بدعوة غير قومه من جهة التنقل والذهاب ..
أما من علم بالحق الذي جاء به وهو ليس من قومه فواجب عليه أن يؤمن به ..
أما من زعم أنه لا يؤمر باتباعه لأن كل نبي أرسل لقومه خاصة ..
فيجعل الخصوص هذا هو في قبولنا لما جاؤوا به وعدمه فقد فارق العقول والنصوص ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة بأن أمره الله تعالى بإيصال دعوته للناس والجن عامة ..
أما غيره من الأنبياء فلم يؤمروا بتبليغ دعوتهم لكافة الناس ..
وإنما اكتفى الله تعالى بأن أمره بإيصال الدعوة لقومهم فقط ..
ومن علم أن الحق مع النبي صلى الله عليه وسلم فوجب اتباعه ..
وكذلك من علم أن الحق مع عيسى عليه السلام فوجب اتباعه وإن لم يكن من قومه ولم يبلغه عيسى عليه السلام بنفسه أو برسوله أو بأصحابه ..
وإلا ما اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي من صالحي أهل الكتاب ..
فلو كانت لا تلزمه دعوة عيسى لما كان من ابتاعه أصلاً ..
ولما صح إيمانه بالنصرانية ..
ولما صح إيمان آسيا رضي الله عنها زوجة فرعون اللعين ..
وهي ليست من بني إسرائيل ..
ولما صح إيمان من آمن من أهل مصر حين ورد عليهم يوسف الصديق عليه السلام ..
فكل من يدعي غير هذا فهو كذّاب، وإن قلنا نحسن الظن به فهو جاهل بما يتكلم به .. ". انتهى كلام أخي الزبيري التميمي.
وبهذا يتضح لكل ذي عينين أنه ليس كل أهل الجاهلية من أهل الفترة, فهل يقول المخالف أيضا أن نصوص القران الكريم " ينقصها الفقه" .. !!
وبما سبق يتضح بطلان دعوى الغزالي, وكذلك بطلان قول فضيلة الشيخ القرضاوي الذي قال في كتابه كيف نتعامل مع السنة (117) "ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار وهو من أهل الفترة و الصحيح أنهم ناجون؟ ".
قال الإمام النووي-كما نقلنا سابقا- " من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة, فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء ".
أما قول فضيلة الشيخ الغزالي " كلّ الرسالاتِ السابقةِ محلّية مؤقتة، وإبراهيم وموسى وعيسى كانوا لأقوامٍ خاصة ", فهو قول عجيب, ألدعوة للتوحيد وإفراد العبودية لله رسالة محلية مؤقتة أيضا .. !! , فإننا نتكلم في دعوة التوحيد والحنيفية التي تركها أهل الجاهلية-عمدا- وعبدوا الأصنام, فلسنا نتكلم في تفاصيل الأحكام والشرائع حتى تقول أن رسالات إبراهيم وموسى وعيسى رسالات محلية مؤقتة .. فتأمل ولا تشطط.
إليك هذه الأمثلة, وتأملها جيدا وعض عليها بالنواجذ:
1 - عن سالم بن عبد الله أنه سمع ابن عمر يحدث عن رسول الله (ص) أنه " لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل (بلدح)، وذلك قبل أن ينزل على رسول الله (ص) الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه وقال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه ". رواه أحمد (2/ 89)، قال الألباني (صحيح السيرة34): إسناده صحيح, وهو كما قال. وحاشا النبي (ص) أن يذبح على النصب, فلقد كان على الحنيفية السمحة كما هو ثابت معلوم بالضرورة, ولكن عمرا لم يكن يعرف أن محمدا بن عبد الله موحد حنيفي.
¥