تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا تقل أن حمادا قد تغير حفظه بأخرة كما قال ابن حجر في التقريب, لأن أمير المؤمنين في الحديث وفي الجرح والتعديل يحيى بن معين قد نفى ذلك بقوله: حديث حماد بن سلمة أوله وآخره واحد (انظره في تهذيب الكمال للمزي في ترجمة ابن سلمة) , ومما يؤكد ذلك .. قول أمير المؤمنين في الحديث عبد الرحمن بن مهدي: " صحيح السماع .. , لم يتهم بلون من الألوان .. فسلم حتى مات" .. فلم يذكر أي تغير, وقال أيضا الإمام الكبير العظيم أبو حاتم الرازي " أضبط الناس وأعلمهم بحديثيهما-يقصد ثابتا وحميد الطويل اللذين أكثر عنهما حماد ابن سلمة-, بين خطأ الناس " .. فهل يقال ذلك فيمن تغير حفظه, اللهم غفرا. وسئل يحيى بن الضريس: حماد أم الثوري, فقال: حماد أحسن حديثا. وهذا قول منه عن سبر, لأن ابن الضريس عنده عن كل واحد منهما عشرة آلاف حديث (انظر كل هذه الأقوال في المصدر السابق). أقول: لقد كان حماد واسع الرولية .. روى بضعة عشر ألف حديث, فإذا أخطأ في شيء منها .. كان ماذا؟!! وكذلك كل من ترجم له من الأئمة يوثقونه مطلقا.

2 - زعم السيوطي أن حماد قد وقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه. وهذا هو الباطل بعينه مجسدا مجسما, يرد عليه أقوال الأئمة التي ذكرناها في الفقرة السابقة. وإليك ما قاله فضيلة الشيخ الحويني في رد ذلك (مقال له بمجلة التوحيد) وهو رد نفيس غال, عض عليه بالنواجذ:

" قولُ السيوطي: إن ربيب حماد بن سلمة دسَّ في كتبه أحاديث مناكير وانطلى أمرها على حمادٍ لسوء حفظه. وهذه تهمة فاجرةٌ، كما قال الشيخ المعلمي رحمه اللَّه في ((التنكيل)) (1/ 243)، ومستند كل من تكلَّم بهذه التهمة ما ذكره الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/ 593) من طريق الدولابي قال: حدثنا محمد بن شجاع بن الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث - يعني أحاديث الصفات - حتى خرج مرة إلى عبادان، فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانًا خرج إليه من البحر فألقاها إليه. قال ابن الثلجي: فسمعتُ عباد بن صهيب يقول: إن حمادًا كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه، وعلَّق الذهبي على هذه الحكاية بقوله: (ابن الثلجي ليس بمصدق على حمادٍ وأمثاله، وقد اتُهم. نسأل اللَّه السلامة). انتهى.

وابن الثلجي هذا كان جهميًا عدوًا للسنة، وقد اتهمه ابنُ عدي بوضع الأحاديث وينسبها لأهل الحديث يثلبهم بذلك، فالحكاية كلُّها كذب، فكيف يُثلب حماد بن سلمة بمثل هذا، ولو جاز لنا أن نرد على السيوطي بمثل صنيعه لذكرنا ما روى عن أبي حامد بن الشرقي - كما في ((تاريخ بغداد)) (4/ 42) - أنه سئل عن حديث أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمر في فضائل علي بن أبي طالب، فقال أبو حامد: هذا حديثٌ باطل، والسببُ فيه أن معمرًا كان له ابنُ أخٍ رافضيٌّ، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيبًا لا يقدرُ أحدٌ عليه في السؤال والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخى معمر). فعلَّق الذهبي في ((السير)) (9/ 576) قائلاً: (هذه حكاية منقطعةٌ، وما كان معمرُ شيخًا مغفلاً يروج عليه هذا، كان حافظًا بصيرًا بحديث الزهري). ولكننا لا نستجيز أن نطعن على الثقات بمثل هذه الحكاية ". انهى كلام الحويني.

الشبهة الثالثة: إن القول بكفر والدي النبي (ص) يقدح في نسبة رسول الله (ص).

ويجيب عن ذلك الإمام البيهقي بقوله في الدلائل (1/ 192, 193): " وكفرُهم لا يقدح في نسب رسول اللَّه (ص) , لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن؛ إذ كان مثلُه يجوز في الإسلام. وباللَّه التوفيق ". كما لا يقدح في إبراهيم أن ينتهي نسبه إلى أبيه المشرك بنص القران, والدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة-: عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت:تستغفر لأبويك وهما مشركان!؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك؟ قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم!؟ فنزلت: {ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير