تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن السؤال الثَّالث: وهو والد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَخٍ بَخٍ إلى يوم النَّفخ، إنَّ لاعن والد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملعون على لسان النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قد بلغنا عن ربِّنا أنَّهُ قَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}، وهو مناقض للتعزير والتَّوقير الواجب له، ولا يجوز ذلك مع المسلمين غير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فيه من الأذيَّة لهم الَّتِيْ هي معصية، فكيف في جانب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِيْ هو كفر!، وقد قَالَ الله سُبْحَانَهُ مخبرا عن إبراهيم عليه السَّلام {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}، وهو مناقض لتوقير النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إن إبراهيم عليه السلام يلقى أباه، وعليه القترة، فيقول يا ربِّ، وعدتني لا تخزني / يوم يبعثون، فيعود والد إبراهيم في صورة ذيخ، وهو المتولد بين الذئب والكلب، حتى لا يَرَى الخلق والد إبراهيم يُحمل إلى النَّار.

فكيف يؤذى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو يجترئ في الشَّرع بلعن أبيه، والتخصيص بذلك له، وقد قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَبِي وَأَبُوْكَ فِي النَّارِ، وَأُمِّي وَأُمُّكَ فِي النَّارِ)) بيانا لحكم الله في الدين، وتفريقا بين المؤمنين والكافرين، وليس لأحد أن يَقُوْل ذلك هجيراه في جواره، فلا يجوز ذلك لما فيه من الأذيَّة والخزاية، ففي رواية ((لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ))، وفيه كلام قد بيَّنَّاه في شرح الحديث، من معظمه الأذيَّة الَّتِيْ أشرنا إليها، وفي أبي النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنتم ترون حنانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عمِّه أبي طالب، واستلطافه به، ودعاء الله تَعَالَى في التَّخفيف عنه، لا يجوز لأحد لعنته لأنها منقصة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمِّه فضلا عن أُمِّه وأبيه.

وعن السؤال الرَّابع: إنَّ قول الله {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)} أنَّه متناول لكل كافر كائن من كان، بحال العموم، ويقال على الخصوص فيمن ليست له ذِمَّة ولا يَمُتُّ بحرمة، كلعن السَّارق وشارب الخمر على الجملة والعموم، ولا يفعل ذلك على التَّعيين، ففي صحيح الحديث أن رجلا كان يشرب الخمر على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيؤتى به إليه كثيرا فَقَالَ بعضهم: ما أكثر ما يؤتى به أخزاه الله!، فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لاَ تَكُونُوا أَعْوَاناً لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ)).

وعن السؤال الخامس: والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس كأبي جهل، وإن كان كافرا، لأن أبا جهل عدوٌّ مبين، لمضايقته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولإذايته له ولأصحابه، ولِصدِّه عن سبيل الله، ولمحاربته لله ولرسوله، ووالد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما زاد على أن ظلم نفسه، ولا يُسوَّى بينهما، والكفر درجات، كما أن الإسلام درجات، وأعلى درجات الإسلام درجة النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأسفل درجات الكفر درجة أبي جهل لعنه الله. أمَّا الواجب على القائل فهو الاستتابة، ويؤدَّب أدبا وجيعا / على استطالته، وعلى أذيته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى تأويل القرآن بغير علم، ويُعزل عن الإمامة.

عصمنا الله من الفتن بحوله وقوَّته وأسبغ علينا عوارف نِعَمِه، وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وعلى جميع النَّبيين، والحمد لله ربِّ العالمين. اهـ

فهل تبين لك التحريف الَّذِيْ فعله السيوطي في كلام القاضي أبي بكر رَحِمَهُ اللهُ

أخيرا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير