[رد الشيخ سمير مالكي على مناظرات المستقلة حول موضوع (تراث شيخ الاسلام)]
ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:25 ص]ـ
مختصر الكلام في الذب عن عقيدة الأئمة الأعلام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فقد استمعت إلى بعض المناظرات التي بثتها إحدى الفضائيات، والتي عرض فيها مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وما اعترض عليه ذلك المخالف الشيخ حسن السقاف، وهو في الحقيقة إنما يعترض على مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين من الصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة المرضيين والعلماء المهديين.
ولقد أسفت كثيراً لبث مثل هذه المسائل العلمية الكبيرة على مسامع العامة، فهذا مما لا ينبغي فعله، خاصة في المسائل الخفية التي يستعصي فهمها وإدراكها على كثير من طلبة العلم الشرعي، فضلاً عن غيرهم من المثقفين أو العوام الأميين، وهو مدعاة إلى الشك والتكذيب في هذا الدين، وقد صح في الأثر ((حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يُكَّذبَ الله ورسوله)).
وساءني أن يعرض مذهب السلف على العامة بهذه الطريقة، وأن ينال من ذات الله وصفاته ويُكَّذبَ كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ويحرَّف معناه، وتلقى الشبه الكثيرة على مرأى ومسمع من تلك الجموع الكثيرة والألوف المؤلفة التي لا يُحصي عددها إلا الله تعالى.
ومعلوم أنه لايشد انتباه الناس شيء أكثر من الخصام والجدال، خاصة في مسائل الدين. وليته كان جدالاً بالتي هي أحسن، لكنه للأسف تحول إلى مغالطات ثم إلى سباب ومهاترات، وسفه لا يليق بأهل العلم على الإطلاق. وساءني كذلك أن ينال ذلك المخالف من شخص عَلَم شامخ من كبار أعلام الأمة، وينعته بما لا يليق بمقامه من تكفير وتبديع وتفسيق، وغيرها من أوصاف نابية كان المخالف أحق بها وأهلها.
وإنَّ تَرَفُّعَ الوضعاء يوماً على الرُّفَعاء من إحدى الرزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي فقد طابت منادمة المنايا
وليس هذا بغريب صدوره ممن ملئ قلبه حقداً وغيظاً وغلاً على أئمة الدين وأعلام المسلمين، فهذا حال أشياعه على مر السنين، منذ أن نشأت أول فرقة في الدين. ولو سُلِّط أمثال هؤلاء على رقاب السلفيين لرأيت سوء صنيعهم فيهم بما لا يخطر على بال أحد من العالمين.
•أوليس قد اجترأ سلفهم على خليفة المسلمين، عثمان رضي الله عنه فذبحوه في داره وهو يتلو كلام ربه؟
•أوما كفَّروا خيار المسلمين من الصحابة، وقاتلوهم، ثم غدروا بابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وقتلوه غيلة، قرباناً لشيخ المعطلة إبليس اللعين؟
•ولم تزل تلك طرائقهم وأساليبهم، حتى تمكنوا من السلطة في عهد المأمون والمعتصم والواثق فنكلوا بأئمة المسلمين وامتحنوهم بتلك المحنة المشهورة، محنة القول بخلق القرآن.
ومن عجائب صنيع هؤلاء المخالفين التستر بدعوى الحرص على عقائد المسلمين، وهم أول من يهدمها ويبث الشك والريبة في قلوب أهلها، وهم موقد الفتنة وأصل البلية في هذه الأمة، وهم أعظم خطراً وإثماً من الخوارج الأُوَل، لأن أولئك كفَّروا الناس بفعل كبائر الذنوب، وهؤلاء كفروهم بإيمانهم وطاعتهم وتعظيمهم لكلام ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فقابلوه بالتصديق، ولم يقدموا عليه عقل إنسان ولا منطق اليونان.
ولم يقتصر هؤلاء المخالفون على تكفير طائفة دون أخرى، بل أطلقوا عنان ألسنتهم وأقلامهم بتكفير عامة الأمة وتبديعهم، فأوجبوا عليهم أولاً الشك والنظر وجعلوه أول واجب على المكلَّف، ومن لم يقم بهذا الواجب فهو عندهم كافر أو ضال.
وانظر إن شئت في نقض هذا الأصل الفاسد الذي أصَّلوه، ما ذكره الحافظ في الفتح [13/ 350] نقلاً عن القرطبي، وفيه ذكر أنه لما أُورِد على صاحب هذا القول، أن هذا الأصل يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك، فقال: ((لا تشنِّع عليّ بكثرة أهل النار)). [وانظر تفسير القرطبي 7/ 331 - 332].
إذاً هم الذين أشاعوا تكفير المسلمين، ثم يرمون غيرهم من أهل السنة بهذه الفرية، والله تعالى أعلم من أحق بها وأهلها.
ولم نذهب بعيداً، فهذا المخالف قد أعلن صراحة على الملأ تكفير ابن تيمية ومن يقول بقوله.
¥