تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

انتهى.

قال سمير: وهذه شهادة من إمام من أئمة المتكلمين، ممن يعظمهم المخالفون، يصرح فيها بأن مذهب السلف هو الإثبات لا التأويل، وهو ينقض دعوى المخالف.

ثم قال الحافظ ((وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث، وهم فقهاء الأمصار، كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم، وكذا من أخذ عنهم من الأئمة، فكيف لا يوثق بما اتفق عليه أهل القرون الثلاثة، وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة)) اهـ.

قال سمير: وكلام الحافظ صريح في ترجيح مذهب السلف على غيره في الصفات، وأنه متفق على الإثبات لا التأويل، وهو مما يبين لك كذب المخالف حين زعم أن مذهب السلف هو التأويل.

وأنبه أيضاً، أننا لسنا بحاجة إلى نقل كلام الحافظ ابن حجر وغيره ممن نقلنا كلامه هنا في باب الصفات، فقد أغنانا الله – معشر السلفيين- بكلام الله وكلام رسوله ومقالات سلفنا، ولكننا نورد كلام الآخرين إلزاماً لخصومنا المعاصرين من أمثال هذا المدعي كذباً وزوراً.

الوجه الثاني: أننا لا نسلم بأن السلف أوَّلوا أي صفة من الصفات، وما نقل عنهم من التأويل، مما زعمه المخالف، غاية ما فيه تفسير للنصوص بما يقتضيه السياق بحسب الاستعمال العربي، وفرق كبير بين أن يقال إن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أوَّلوا صفة الساق لله وأنكروا اتصاف الله عز وجل بها، وبين أن يقال: إن ابن عباس فسَّر معنى الساق في قوله تعالى [يوم يكشف عن ساق] بأنها الشدة. ومثله يقال في تفسير [فثم وجه الله] و [جنب الله] ونحوها من النصوص، وليس في واحد منها أنهم صرحوا بنفي الصفة أو أولوها، كما فعل المتأخرون الذين عمدوا إلى النصوص الصريحة التي لا تحتمل غير الصفة، فحكوا الخلاف في معناها، ثم رجحوا التأويل على الإثبات وعللوا ذلك بتعليلات كلامية عليلة.

وإليك كلام ابن القيم في رد ما زعمه المخالفون من تأويل ابن عباس لآية الساق. قال رحمه الله ((ليس في ظاهر القرآن ما يدل أن ذلك صفة لله تعالى، لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجرداً عن الإضافة منكَّراً. والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، إنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه (فيكشف الرب عن ساقه .. ) الحديث ... )) إلى آخر ما ذكره ابن القيم.

انظر مختصر الصواعق [ص25].

وأجاب ابن القيم كذلك عن النصوص الأخرى، التي ذكر فيها لفظ اليد وفسرت بغير الصفة، كقوله تعالى [مما عملت أيدينا] بأنها هنا ليست بمعنى اليد في قوله تعالى [خلقت بيدي]، فلا تحتمل هنا غير الصفة.

ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:38 ص]ـ

المسألة الثالثة

مذهب السلف في الصفات من أيسر المذاهب فهماً وإدراكاً، فهو بعيد عن التعقيدات الكلامية التي لا يفهمها إلا من حذق فيها، وهم أقل من القليل. فأنت إذا سألت أمياً من عامة الناس وقلت له ماذا تفهم من سماعك لقول الله تعالى [أأمنتم من في السماء] وقوله [إليه يصعد الكلم الطيب] وغيرها من النصوص، لقال: أفهم أن الله في السماء في العلو، ولا يتعدى فهمه هذا، وهو عين ما صرَّح به علماء السلف، وهو الذي يقوله كل من لم يتدنس قلبه بشبهة المخالفين، فاستوى العالم والأمي في فهم ذلك وتقريره. وقل مثله في سائر النصوص المحكمة، التي جاء فيها ذكر الاستواء والوجه والعين واليد والضحك والنزول والمجيء وغيرها.

فمذهب السلف موافق للفطرة التي لم يؤثر عليها مؤثر خارجي مما يثيره المخالفون ويبثونه في أسماع وقلوب العامة. فالعجب ممن يؤثر مذاهب معقدة الألفاظ، لا يكاد يفهمها إلا شذاذ الناس، وهم مع ذلك من أكثر الناس شكاً وحيرة واختلافاً، ثم يرمون غيرهم بدائهم، فيزعمون أن مذهب السلف يورث الشك والحيرة ويوهم التشبيه والتجسيم ... سبحانك هذا بهتان عظيم.

يدلك على هذا رجوع بعض فضلائهم وأكابرهم عن كثير من أقوالهم ومخالفاتهم، واضطراب بعضهم في أقوالهم، فيتردد محتاراً بين الإثبات تارة، والتعطيل تارة أخرى [مذبذبين بين ذلك]. وشواهد ذلك أكثر من أن تحصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير