[كلام لابن حبان رحمه الله تعالى في الصفات]
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[05 - 03 - 04, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
هل من تعليق يبين منهج أبي حاتم رحمة الله عليه؟
قال أبو حاتم بن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه في باب ما جاء في الصفات برقم 265 أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا المقرىء حدثنا حرملة بن عمران التجيبي عن أبي يونس مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) إلى قوله (إن الله كان سميعا بصيرا) رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه وأصبعه الدعاء على عينه.
قال أبو حاتم أراد صلى الله عليه وسلم بوضعه أصبعه على أذنه وعينه تعريف الناس أن الله جل وعلا لا يسمع بالأذن التي لها سماخ والتواء ولا يبصر بالعين التي لها أشفار وحدق وبياض جل ربنا وتعالى عن أن يشبه بخلقه في شيء من الأشياء بل يسمع ويبصر بلا آلة كيف يشاء.
ثم ترجم بقوله: ذكر الخبر الدال على أن كل صفة إذا وجدت في المخلوقين كان لهم بها النقص غير جائز إضافة مثلها إلى الباري جل وعلا.
قال 267 أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى كذبني بن آدم ولم يكن له أن يكذبني ويشتمني بن آدم ولم يكن ينبغي له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني أو ليس أول خلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد.
قال أبو حاتم رضي الله تعالى عنه في قوله صلى الله عليه وسلم أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته فيه البيان الواضح أن الصفات التي توقع النقص على من وجدت فيه غير جائز إضافة مثلها إلى الله جل وعلا إذ القياس كان يوجب أن يطلق بدل هذه اللفظة بأهون علي بأصعب علي فتنكب لفظة التصعيب إذ هي من ألفاظ النقص وأبدلت بلفظ التهوين الذي لا يشوبه ذلك.
ثم ترجم بقوله: ذكر خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا حيث حرموا التوفيق لإدراك معناه.
قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال حدثنا حرمي بن عمارة قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى في النار فتقول هل من مزيد حتى يضع الرب جل وعلا قدمه فيها فتقول قط قط.
قال أبو حاتم هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عصي الله عليها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والأمكنة في النار فتمتلىء فتقول قط قط تريد حسبي حسبي لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع قال الله جل وعلا لهم قدم صدق عند ربهم يريد موضع صدق لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه.
ثم ترجم بقوله: ذكر الخبر الدال على أن هذه الألفاظ من هذا النوع أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون الحكم على ظواهرها.
قال 269 أخبرنا محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بنسا قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله جل وعلا للعبد يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني فيقول يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني ويقول يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني فيقول يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول ألم تعلم أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما إنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي.
ثم ترجم بقوله: ذكر الخبر الدال على أن هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس بينهم دون كيفيتها أو وجود حقائقها.
قال 270 أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان عن بن عجلان عن سعيد بن يسار أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه وفصيله حتى إن اللقمة أو التمرة لتأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم.
قال أبو حاتم رضي الله تعالى عنه قوله صلى الله عليه وسلم إلا كأنما يضعها في يد الرحمن يبين لك أن هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل دون وجود حقائقها أو الوقوف على كيفيتها إذ لم يتهيأ معرفة المخاطب بهذه إلا بالألفاظ التي أطلقت بها.
أخوكم أبو بكر بن عبد الوهاب.
¥