فيا معالي الدكتور! كيف نعلم أولادنا محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ندعوهم لمخالفته بفعل البدع؟! أليس هذا تناقضًا؟!
ليتك قلت: علموهم متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانهوهم عن مخالفته، وألزموهم بطاعته؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
4 - ما علاقة تحديد المكان الذي ولد فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بموضوع محبته. . . حيث شغل الدكتور حيزًا كبيرًا من كتابه في البحث عن تحديده من صفحة (179) إلى (191)، واتبع فكره وقلمه في ذلك بما لا جدوى من ورائه ولم يكلف بمعرفته.
هل عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المكان لأمته؟!
هل اعتنى الصحابة والتابعون ومن بعدهم من القرون المفضلة وأئمة الإسلام المعتبرون بتعيين هذا المكان؟!
وماذا يرجع على الأمة من تعيين؟!
لو كان في ذلك ما يعود على الأمة بخير؛ ما تركه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يهتم بشأن بيته الذي كان يسكنه في مكه قبل الهجرة، ولما سئل - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة، وقيل له: أتنزل في دارك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -:
(وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟).
ما كان - صلى الله عليه وسلم - يهتم بالأمكنة التي سكنها وعاش فيها؛ على أن يهتم بالمكان الذي ولد فيه، ولم يكن صحابته يفعلون ذلك؛ لأن ذلك يفضي إلى أن نتخذ هذه الأمكنة متعبدات ومعتقدات فاسدة.
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد البعثة لم يهتم بشأن غار حراء الذي ابتدأ نزول الوحي عليه فيه؛ لأن الله لم يأمره بذلك.
ولما رأى عمر - رضي الله عنه - الناس يذهبون إلى الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان؛ قطعها مخافة أن يفتن الناس بها.
فلا تفتحوا للناس بابًا مغلقًا، وتذكروا قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أليمٌ} [الفرقان: 63].
ولهذا لا نجد في كتاب الله ولا في سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى البقعة التي ولد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا فائدة من ذلك، وليس في الاعتناء بذلك دلالة على محبته - صلى الله عليه وسلم - وإنما علامة محبته - صلى الله عليه وسلم - اتباعه، والعمل بسنته وترك ما نهى عنه؛ كما قال الشاعر الحكيم في ملازمة المحبة للطاعة:
لو كان حبك صادقًا لأطعته ** إن المحب لمن يحب مطيع
5 - حشد معالي الدكتور في كتابه هذا أمورًا وأشياءَ كثيرة فيها نظر، وذكر فيها أحاديث لم يبين درجتها، ولم يوثقها من دواوين السنة المعتبرة.
والواجب عليه – كالباحث يحمل أكبر درجة علمية – أن لا يهمل ذلك؛ لأن القراء ينتظرون منه ومن أمثاله أن يقدم لهم بحثًا مستوفيًا الجوانب العلمية والمعنوية.
ومما جاء في كتابه:
أ - أبيات: " طلع البدر علينا "؛ قال عنها:
" هذا نشيد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون شك ولا ريب ". . .
إلى أن قال: " وقد ارتفع هذا النشيد لأول مرة من حناجر المسلمين والمهاجرين والأنصار منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا ".
ونقول: ما الذي يجعلك يا معالي الدكتور تجزم بسماع الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا النشيد دون شك ولا ريب؟ وما الذي يجعلك تجزم بنسبته إلى المهاجرين والأنصار؟ أين سندك في هذا؟ أيظن معاليكم أن القراء يقتنعون بمثل هذا الكلام دون تحقيق وتوثيق؟
كلا.
ب - في (ص111) قال معالي الدكتور: " وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن سنته؟ فقال: المعرفة رأس مالي، والحب أساسي، والشوق مركبي. . . " الخ.
ولا ندري من أين جاء الدكتور بهذا الحديث، فهو لم يذكر له سند، ولم يعزه إلى كتاب، ولا تجوز النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون التثبت؛ لأن ما ينسب قد يكون مكذوبًا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فيدخل تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار).
6 - في الكتاب مبالغات في حقه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها، حيث قال عليه الصلاة والسلام:
(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله). رواه البخاري وغيره.
¥