تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فان الله وصف نفسه بهذه الأفعال ووصف نفسه بالأقوال اللازمة والمتعدية فى مثل قوله واذ قال ربك للملائكة وقوله وكلم الله موسى تكليما وقوله تعالى وناداهما ربهما وقوله ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين وقوله والله يقول الحق وهو يهدى السبيل وقوله الله لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا وقوله الله نزل أحسن الحديث وقوله وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى اسرائيل بما صبروا وقوله وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وقوله ولقد صدقكم الله وعده وكذلك وصف نفسه بالعلم والقوة والرحمة ونحو ذلك كما فى قوله ولا يحيطون بشىء من علمه الا بما شاء وقوله ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين وقوله ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما وقوله ورحمتى وسعت كل شىء ونحو ذلك مما وصف به نفسه فى كتابه وما صح عن رسوله فان القول فى جميع ذلك من جنس واحد

ومذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفونه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله فى النفى والاثبات والله سبحانه وتعالى قد نفى عن نفسه مماثلة المخلوقين فقال الله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فبين أنه لم يكن أحد كفوا له وقال تعالى هل تعلم له سميا فأنكر أن يكون له سمى وقال تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وقال تعالى فلا تضربوا الله الامثال وقال تعالى ليس كمثله شىء

ففيما أخبر به عن نفسه من تنزيهه عن الكفؤ والسمى والمثل والند وضرب الأمثال له بيان أن لا مثل له فى صفاته ولا أفعاله فان التماثل فى الصفات والأفعال يتضمن التماثل فى الذات فان الذاتين المختلفتين يمتنع تماثل صفاتهما وأفعالهما اذ تماثل الصفات والأفعال يستلزم تماثل الذوات فان الصفة تابعة للموصوف بها والفعل أيضا تابع للفاعل بل هو مما يوصف به الفاعل فاذا كانت الصفتان متماثلتين كان الموصوفان متماثلين حتى أنه يكون بين الصفات من التشابه والاختلاف بحسب ما بين الموصوفين كالانسانين كما كانا من نوع واحد فتختلف مقاديرهما وصفاتهما بحسب اختلاف ذاتيهما ويتشابه ذلك بحسب تشابه ذلك

كذلك اذا قيل بين الانسان والفرس تشابه من جهة أن هذا حيوان وهذا

حيوان اختلاف من جهة أن هذا ناطق وهذا صاهل وغير ذلك من الامور كان بين الصفتين من التشابه والاختلاف بحسب ما بين الذاتين وذلك أن الذات المجردة عن الصفة لا توجد الا فى الذهن فالذهن يقدر ذاتا مجردة عن الصفة ويقدر وجودا مطلقا لا يتعين وأما الموجودات فى أنفسها فلا يمكن فيها وجود ذات مجردة عن كل صفة ولا وجود مطلق لا يتعين ولا يتخصص

واذا قال من قال من أهل الاثبات للصفات انا اثبت صفات الله زائدة على ذاته فحقيقة ذلك أنا نثبتها زائدة على ما أثبتها النفاة من الذات فان النفاة اعتقدوا ثبوت ذات مجردة عن الصفات فقال أهل الاثبات نحن نقول باثبات صفات زائدة على ما اثبته هؤلاء

وأما الذات نفسها الموجودة فتلك لا يتصور أن تتحقق بلا صفة أصلا بل هذا بمنزلة من قال اثبت انسانا لا حيوانا ولا ناطقا ولا قائما بنفسه ولا بغيره ولا له قدرة ولا حياة ولا حركة ولا سكون أو نحو ذلك أو قال أثبت نخلة ليس لها ساق ولا جذع ولا ليف ولا غير ذلك فان هذا يثبت ما لا حقيقة له فى الخارج ولا يعقل

ولهذا كان السلف والأئمة يسمون نفاة الصفات معطلة لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى وان كانوا هم قد لا يعلمون ان قولهم مستلزم للتعطيل بل يصفونه بالوصفين المتناقضين فيقولون هو موجود قديم واجب ثم ينفون

لوازم وجوده فيكون حقيقة قولهم موجود ليس بموجود حق ليس بحق خالق ليس بخالق فينفون عنه النقيضين إما تصريحا بنفيها واما امساكا عن الاخبار بواحد منهما

ولهذا كان محققوهم وهم القرامطة ينفون عنه النقيضين فلا يقولون موجود ولا لا موجود ولا حى ولا لا حى ولا عالم ولا لا عالم قالوا لأن وصفه بالاثبات تشبيه له بالموجودات ووصفه بالنفى فيه تشبيه له بالمعدومات فآل بهم اغراقهم فى نفى التشبيه الى أن وصفوه بغاية التعطيل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير