تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا اذا استعملت هذه الأسماء والصفات على وجه التخصيص والتعيين وهذا هو الوارد فى الكتاب والسنة وأما اذا قيلت مطلقة وعامة كما يوجد فى كلام النظار الموجود ينقسم الى قديم ومحدث والعلم ينقسم الى قديم ومحدث ونحو ذلك فهذا مسمى اللفظ المطلق والعام والعلم معنى مطلق وعام والمعانى لا تكون مطلقة وعامة الا فى الاذهان لا فى الاعيان فلا يكون موجود وجودا مطلقا أو عاما الا فى الذهن ولا يكون مطلق أو عام الا فى الذهن ولا يكون انسان أو حيوان مطلق وعام الا فى الذهن والا فلا تكون الموجودات فى أنفسها الا معينة مخصوصة متميزة عن غيرها

فليتدبر العاقل هذا المقام الفارق فانه زل فيه خلق من اولى النظر الخائضين

فى الحقائق حتى ظنوا ان هذه المعانى العامة المطلقة الكلية تكون موجودة فى الخارج كذلك وظنوا انا اذا قلنا ان الله عز وجل موجود حى عليم والعبد موجود حى عليم أنه يلزم وجود موجود فى الخارج يشترك فيه الرب والعبد وأن يكون ذلك الموجود بعينه فى العبد والرب بل وفى كل موجود ولابد أن يكون للرب ما يميزه عن المخلوق فيكون فيه جزآن

أحدهما لكل مخلوق وهو القدر المشترك بينه وبين سائر الموجودات

و الثانى يختص به وهو المميز له عن سائر الموجودات ثم لا يذكرون فيما يختص به الا ما يلزم فيه مثل ذلك فاذا قالوا يمتاز بذاته أو بحقيقته أو ماهيته أو نحو ذلك كان ذلك بمنزلة قولهم يمتاز بوجوده فان الذات والحقيقة والماهية تستعمل مطلقا ومعينا كلفظ الوجود سواء

وهذا المقام حار فيه طوائف من ائمة النظار حتى قال طائفة ان لفظ الوجود وغيره مقول بالاشتراك اللفظى فقط وحكوا ذلك عن كل من قال بنفى الاحوال وهم عامة أهل الاثبات فصار مضمون نقلهم أن مذهب عامة أهل الاسلام ومتكملة الاثبات كابن كلاب والأشعرى وابن كرام وغيرهم بل ومحققى المعتزلة كأبى الحسين البصرى وغيره أن لفظ الوجود وغيره مما يسمى الله به ويسمى به المخلوق انما يقال بالاشتراك اللفظى فقط من غير أن يكون بين المسميين معنى عام كلفظ المشترى اذا سمى به المبتاع والكوكب ولفظ سهيل المقول على الكوكب والرجل

وهذا النقل غلط عظيم عمن نقلوه عنه فان هؤلاء متفقون على أن هذه الاسماء عامة متواطئة كالتواطىء العام الذى يدخل فيه المشكك تقبل التقسيم والتنويع وذلك لا يكون الا فى الأسماء المتواطئة كما نقول الموجود ينقسم الى قديم ومحدث وواجب وممكن

بل هؤلاء الناقلون بأعيانهم كأبى عبدالله الرازى وأمثاله من المتأخرين يجمعون فى كلامهم بين دعوى الاشتراك اللفظى فقط وبين هذا التقسيم فى هذه الاسماء مع قولهم أن التقسيم لا يكون الا فى الالفاظ المتواطئة المشتركة لفظا ومعنى لا يكون فى المشترك اشتراكا لفظيا ومن جملتها التى يسمونها المشككة لا يكون التقسيم فى الأسماء التى ليس بينها معنى مشترك عام

فهذا تناقض هؤلاء الذين هم من أشهر المتأخرين بالنظر والتحقيق للفلسفة والكلام قد ضلوا فى هذا النقل وهذا البحث فى مثل هذا الأصل ضلالا لا يقع فيه أضعف العوام وذلك لما تلقوه عن بعض أهل المنطق من القواعد الفاسدة التى هى عن الهدى والرشد حائدة حيث ظنوا أن الكليات المطلقة ثابتة فى الخارج جزءا من المعينات وأن ذلك يقتضى تركيب المعين من ذلك الكلى المشترك ومما يختص به فلزمهم على هذا القول أن يكون الرب تعالى الواجب الوجود مركبا من الوجود المشترك ومما يختص به من الوجوب أو الوجود أو الماهية مع أنه من المشهور عند اهل المنطق أن الكليات انما تكون كليات فى الاذهان لا فى الاعيان

ومن هداه الله تعالى يعلم أن الموجودات لا تشترك فى شىء موجود فيها أصلا بل كل موجود متميز بنفسه وبما له من الصفات والأفعال وانا اذا قلنا ان هذا الانسان حى متكلم أو حيوان ناطق ونحو ذلك لم يكن ما له من الحيوانية أو الناطقية أو النطق والحياة مشتركا بينه وبين غيره بل له ما يخصه ولغيره ما يخصه ولكن تشابها وتماثلا بحسب تشابه حيوانيتهما ونطقيتهما وغير ذلك من صفاتهما

ومن قال ان الانسان مركب مما به الاشتراك وهو الحيوانية وما به من الامتياز وهو النطق فان أراد بذلك أن هذا تركيب ذهنى فانا اذا تصورنا فى أذهاننا حيوانا ناطقا كان الحيوان جزء هذا المعنى الذهنى والنطق جزءه الآخر وكان الحيوان جزءا له اشباه أكثر من اشباه الناطق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير