تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واذا تصورنا مسمى حيوان ومسمى ناطق كان مسمى الحيوان يعم الانسان وغيره وكان مسمى الناطق يخصه فدعوى التركيب فى هذه المعانى الذهنية صحيح لكن ليس هذا ضابطا بل هو بحسب ما يتصوره الانسان سواء كان تصوره حقا أو باطلا

ومتى أريد بجزء الماهية الداخل فيها ما يدخل فى هذا التصور وبجزئها الخارج عنها اللازم لوجودها ما يدل عليه هذا اللفظ بالتضمن والالتزام وأراد بتمام الماهية ما يدل عليه هذا بالمطابقة فهذا صحيح لكن هذا لا يقتضى ان

تكون الحقائق الموجودة فى الخارج مركبة من الصفات الخاصة والعامة ولا أن يكون بعض صفاتها اللازمة داخلة فى الحقيقة ذاتيا لها وبعضها خارجا عن الحقيقة عارضا لها كما يزعمه أهل المنطق اليونانى

وهذا الموضع مما ضلوا فيه وضل بسبب ضلالهم فيه الطوائف الذين اتبعوهم فى ذلك من النظار وقلدهم فى ذلك من لم يفهم حقيقة قولهم ولوازمه ولم يتصوره تصورا تاما

وان أرادوا بالتركيب أنه موصوف بالحياة والنطق وإحدى الصفتين يوجد نظيرها فى سائر الحيوان والاخرى مختصة بالانسان فهذا معنى صحيح

وان أرادوا به أن حيوانيته مشتركة بينه وبين غيره فقد غلطوا فان حيوانية كل حيوان كناطقية كل ناطق وذلك مختص بمحله

وكذلك ان أرادوا بالتركيب ان هنا موجودا موصوفا بأنه حيوان غير الموجود الموصوف بأنه ناطق وصاهل وان الانسان مركب من هذا الموجود وهذا الموجود والفرس مركب من هذا الموجود وهذا الموجود فقد غلطوا بل لا موجود الا هذا الانسان الموصوف بأنه حيوان ناطق وهذا الفرس الموصوف بأنه حيوان صاهل وكذلك سائر الحيوانات والموجودات

فقول القائل الانسان مركب من هذا وهذا اذا أريد به أن هنا شيئا

مركبا وان له جزئين متباينين هو مركب منهما كان جاهلا بل هو شىء واحد موصوف بصفتين لا يوجد الا بصفتيه ولا توجد صفتاه الا به

وهذا المعنى صحيح وهو أن الانسان موصوف بأنه حيوان وأنه ناطق حقيقة وانه ذات مستلزمة لصفاتها لا يوجد الموصوف بدون صفته اللازمة له

لكن هذا ليس فى الخارج تركيبا وليس فى الخارج صفة لازمة ذاتية وأخرى عرضية لازمة للماهية واخرى لازمة لوجوده بل ليس فى الخارج الا الموجود المعين وصفاته تنقسم الى لازمة له وعارضة وهو لا يوجد بدون شىء من صفاته اللازمة فليس فيها ما هو لازم للذات الموجودة فى الخارج ولكن ليس بلازم لها بل لازم للموجود فى الخارج كما يظن ذلك من يظنه من المنطقيين

واصل خطئهم أنه اشتبه عليهم ما يتصور فى الاذهان بما يوجد فى الاعيان فان الذهن يتصور المثلث قبل وجوده فى الخارج وظنوا ان الماهية مغايرة للوجود وهو صحيح اذا فسرت الماهية بما يتصوره الذهن واما ان يكون فى الخارج مثلث له ماهية ثابتة فى الخارج غير الشىء الموجود فى الخارج فهذا غلط بين فاذا فهم هذا فى صفة المخلوق فالخالق أبعد عما سماه هؤلاء تركيبا

فاذا قيل ان الله سبحانه وتعالى حى عليم قدير فهو موصوف بأنه الحى العليم القدير واذا قيل هو موجود واجب بنفسه فهو سبحانه موصوف بالوجود والوجوب فلا مشاركة بينه وبين غيره فى شىء موجود ولا هو مركب من جزأين ولا صفات مقومة تكون أجزاء لوجوده ولا نحو ذلك مما يدعى من التركيب الذى هو ممتنع فى المخلوق فهو فى الخالق اشد امتناعا

ولكن لفظ التركيب مجمل يدخل عند هؤلاء فيه اتصاف الموصوف بصفاته اللازمة له وليس هذا هو المعقول من لفظ التركيب وهؤلاء أحدثوا اصطلاحا لهم فى لفظ التركيب لم يسبقهم اليه أحد من أهل اللغة ولا من طوائف اهل العلم فجعلوا لفظ التركيب يتناول خمسة انواع

أحدها التركيب من الوجود والماهية لظنهم أن وجود كل ممكن فى الخارج غير ماهيته ومتى أريد بجزء الماهية الداخل فيها يدخل فى هذا المتصور وبلازمها الخارج عنها ما يلزم هذا التصور وهذان المعينان هما ما يدل عليه اللفظ

والثانى التركيب من الجنس والفصل كقولهم ان الانسان مركب من الحيوانية والناطقية وقد يضمون الى ذلك التركيب من المعنى العام والخاص يسمى تركيبا من جنس وفصل أو من خاصة وعرض عام

الثالث التركيب من الذات والصفات كمسمى الحى العالم القادر

وتركيب الجسم من أجزائه الحسية عند من يقول أنه مركب من الجواهر المفردة أو تركيبه من الجزئين العقليين عند من يقول أنه مركب من المادة والصورة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير