تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهم لم يقصدوا هذا التناقض ولكن أوقعتهم فيه قواعدهم الفاسدة المنطقية التى زعموا فيها تركيب الموصوفات من صفاتها ووجود الكليات المشتركة فى أعيانها فتلك القواعد المنطقية الفاسدة التى جعلوها قوانين تمنع مراعاتها الذهن ان يضل فى فكره أوقعتهم فى هذا الضلال والتناقض

ثم ان هذه القوانين فيها ما هو صحيح لا ريب فيه وذلك يدل على تناقضهم وجهلهم فانهم قد قروا فى القوانين المنطقية ان الكلى هو الذى لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه بخلاف الجزئى وقرروا أيضا ان الكليات لا تكون كلية الا فى الاذهان دون الاعيان وأن المطلق بشرط الاطلاق لا يكون الا فى الذهن وهذه قوانين صحيحة

ثم يدعون ما ادعاه أفضل متأخريهم ان الواجب الوجود هو الوجود المطلق بشرط الاطلاق عن كل أمر ثبوتى أو كما يقوله طائفة منهم أنه الوجود المطلق بشرط الاطلاق عن كل أمر ثبوتى وسلبى كما يقول ذلك من يقوله من الملاحدة الباطنية المنتسبين الى التشيع والمنتسبين الى التصوف أو يقوله طائفة ثالثة انه الوجود المطلق لا بشرط كما تقوله طائفة منهم وهم متفقون على أن المطلق بشرط الاطلاق عن الأمور الوجودية والعدمية

لا يكون فى الخارج موجودا فالمطلق بشرط الاطلاق عن كل أمر ثبوتى أولى ان لا يكون موجودا فان المقيد بسلب الوجود والعدم نسبته اليهما سواء والمقيد بسلب الوجود يختص بالعدم دون الوجود والمطلق لا بشرط انما يوجد مطلقا فى الاذهان واذا قيل هو موجود فى الخارج فذلك بمعنى أنه يوجد فى الخارج مقيدا لا أنه يوجد فى الخارج مطلقا فان هذا باطل وان كانت طائفة تدعيه فمن تصور هذا تصورا تاما علم بطلان قولهم وهذا حق معلوم بالضرورة فهذا القانون الصحيح لم ينتفعوا به فى اثبات وجود الرب بل جعلوه مطلقا بشرط الاطلاق عن النقيضين أو عن الأمور الوجودية أو لا بشرط وذلك لا يتصور الا فى الاذهان

والقوانين الفاسدة أوقعتهم فى ذلك التناقض والهذيان وهم يفرون من التشبيه بوجه من الوجوه ثم يقولون الوجود ينقسم الى واجب وممكن فهما مشتركان فى مسمى الوجود وكذلك لفظ الماهية والحقيقة والذات ومهما قيل هو ينقسم الى واجب وممكن ومورد التقسيم مشترك بين الاقسام فقد اشتركت الاقسام فى المعنى العام الكلى الشامل لما تشابهت فيه فهذا تشبيه يقولون به وهم يزعمون أنهم ينفون كل ما يسمى تشبيها حتى نفوا الاسماء فكان الغلاة من الجهمية والباطنية لا يسمونه شيئا فرارا من ذلك

واى شىء أثبتوه لزمهم فيه مثل ذلك والا لزم أن لا يكون وجود واجب الوجود ممكنا وقديما ومحدثا وان المحدث والممكن لابد له من قديم ومن المعلوم بالاضطرار أن الوجود فيه محدث ممكن وان المحدث الممكن لابد له من قديم واجب بنفسه فثبوت النوعين ضرورى لابد منه

وحقيقة الأمر ان لفظ المطلق قد يعنى به ما هو كلى لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه ويمتنع أن يكون شىء موجود فى الخارج قائما بنفسه أو صفة لغيره بهذا الاعتبار فضلا عن أن يكون رب العالمين الأحد الصمد كذلك

وقد يراد بالمطلق المجرد عن الصفات الثبوتية أو عن الثبوتية والسلبية جميعا والمطلق لا بشرط الاطلاق وهذا اذا قدر جعل معينا خاصا لا كليا فانه يمتنع وجوده فى الخارج أعظم من امتناع الكليات المطلقة بشرط لكونها كلية فان تلك الكليات لها جزئيات موجودة فى الخارج والكليات مطابقة لها

وأما وجود شىء مجرد عن أن يوصف بصفة ثبوتية وسلبية فهذا يمتنع تحققه فى الخارج كليا وجزئيا وكذلك المجرد عن أن يوصف بصفة ثبوتية بل هذا أولى بالامتناع منه واذا كان هذا قد شارك سائر الموجودات فى مسمى الوجود ولم يميز عنها الا بالقيود السلبية وهى قد امتازت عنه بالقيود الوجودية

كان كل ممكن فى الوجود أكمل من هذا الذى زعموا أنه واجب الوجود فان الوجود الكلى مشترك بينه وبينها ولم يميز عنها الا بعدم وامتازت عنه بوجود فكان ما امتازت به عنه أكمل مما امتاز به هو عنها اذ الوجود أكمل من العدم

واما اذا قيل هو الوجود لا بشرط فهذا هو الوجود الكلى والطبيعى المطابق لكل موجود وهذا لا يكون كليا الا فى الذهن واما فى الخارج فلا يوجد الا معينا ومن الناس من قال ان هذا الكلى جزء من المعينات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير